بقلم : علي الموسوي
بلد يصنع البطالة… ثم يلوم العاطلين! جيل يبحث عن وطنٍ يمنحه فرصةَ العيش… لا شهادةَ العجز! يستيقظ الفجر على ملامح شاب عراقي أنهكته البدايات المؤجلة .
يحمل شهادةً بلا عمل أو يحمل قلباً عامراً بالطموح بلا شهادة وفي الحالتين يلتقي الجميع على قارعة الانتظار… انتظار الدولة وانتظار الفرصة وانتظار أن يُقال لهم: أنتم لستم عبئاً على الوطن.
لكن الصمت يطول فيتحول الانتظار إلى غبار يغطي الأعمار وتغدو البطالة غيمةً ثقيلة تمطر فراغاً بدل الأمل.
إنها ليست أزمة عمل فقط بل أزمة إيمان بعدالة الحياة.
المتن .. حين تضيق الأرض بما رحبت يبدأ الشاب بالبحث عن مخرج ولو في العتمة.
منهم من يغامر بطريق الهجرة لا حباً في الغربة بل فراراً من العجز والخذلان.
طريق محفوف بالمخاطر يبدأ من الغابات بين تركيا واليونان حيث يسير المهاجر ليالٍ طويلة على وقع الجوع والخوف يمرّ عبر أيدي المهربين الذين يحشرون الأرواح كما تُقفل البضائع ثم يواجه البحر الهائج على متن قارب لا يحتمل موجة واحدة.
إنها مغامرة لا تُخاض بدافع الشجاعة بل من شدّة اليأس فليس أقسى من وطنٍ يُجبر أبناءه على السفر بلا وداع.
ولأن الحاجة لا تُفكّ إلا بباب يطرق بعض الشباب أبواب الأحزاب بحثاً عن (مظلّةٍ) تقيهم رياح العوز لا اقتناعاً بعقيدتها بل طلباً لوظيفة أو راتب أو وساطة تجنّبهم ذلّ السؤال.
فتحوّل الانتماء من قناعةٍ إلى بطاقة مرور نحو الوظيفة ومن حلم إلى صفقة صغيرة مع الحاجة.
وكان الأجدر بالدولة أن تكون هي المظلّة لا أن تترك أبناءها يبحثون عن سقف سياسي يحميهم من المطر.
ومن لم يجد في الهجرة خلاصاً ولا في الأحزاب مأوى وجد نفسه تائهاً في فراغٍ طويلٍ يلتهم العمر ببطء.
جلسات المقاهي وصالات الكوفيات باتت مسرحاً لهروب الوقت وحين يطول الفراغ يفتح أبوابه على الممنوعات: سيجارة تتبعها أخرى ثم خطوة نحو محظور أكبر حتى يجد بعض الشباب أنفسهم يسيرون في متاهات الانحراف لا لأنهم فاسدون بل لأن الوطن تركهم وحيدين في مواجهة الفراغ.
وفي الزاوية الأخرى من المشهد تلمع على الشاشات صور لأبناء الثراء الفجائي: سيارات فارهة حفلات صاخبة وثراء يثير الريبة.
بعضهم أبناء مسؤولين وبعضهم أبناء الصدف السعيدة التي لا تحدث إلا في بلدان تعبث فيها الأقدار بأقدار الناس.
هذه المشاهد كفيلة بإشعال الغضب في قلوب شباب لا يملكون ثمن وجبة واحدة فتغدو المقارنة وقوداً للكراهية الصامتة.
الخاتمة : ما بين الهجرة والانتماء وما بين الحلم والانكسار يقف شباب العراق كصف طويل أمام بوابة مغلقة اسمها (الفرصة)
ليس المطلوب معجزة بل عدالة بسيطة تفتح باب الأمل. برامج تشغيل حقيقية مشاريع صغيرة قروض بلا فخاخ ودولة تُعامل شبابها ككنز لا كعبء . إن أخطر ما نخسره ليس من غادروا البلاد بل من بقوا فيها وقد غادرتهم الرغبة في الحياة.
بلد يصنع البطالة… ثم يلوم العاطلين!
جريدة الاضواء الالكترونية
