الرئيسية / آراء حرة / جرائم بلا عقوبات ..!!

جرائم بلا عقوبات ..!!

كتب: عبـّاس سليمان علي ـ سوريا 

لا أريد الغوص فيما لست متعمّقاً فيه ولا مختصّاً به ، إلاّ أنّي وفي كلّ الأحوال أعتبر قانون الأحوال الشّخصيّة
( وبعض الموادّ القانونيّة الأخرى ) من الثّقافة العامّة ، فأبناء المجتمع الواحد تتقاطع مصالحهم وتتلاقى آمالهم وتتآلف مشاعرهم وتتكامل ظروف حياتهم وتتوحّد أهدافهم ، إذن تقضي ضرورة المشاركة والحياة في بيئة واحدة تحت مظلّة الوطن الواحد أن يحافظ أبناء المجتمع الواحد على بعضهم بصون الحرمات والمحافظة على مبادئ وحيثيّات العيش المشترك ، من هنا كانت القوانين الوضعيّة التي لا تتنافى ولا تتغافل عن القوانين التي كرّستها العقائد لا بل هي تنبثق منها وتستأنس بما يراعي حرمة الإنسانيّة وتستخلص منها الكثير كموادّ للقانون الوضعيّ . ولمّا كانت القوانين الوضعيّة راعية للحقوق العامّة والشّخصيّة ولا تفرّق بين هذا وذاك ، تأخذ في الاعتبار أدقّ التّفاصيل وتلحظ أبسط الأفعال وتبحث بعناية ودقّة فائقتين الظّروف والملابسات ومجمل ما يؤدي إلى الأفعال أو ينجم عنها ، فالقتل على سبيل المثال فعل يعاقب القانون عليه بأحكام تتناسب والظّروف التي أدّت إليه وقد أعطى المشرّعون فسحة للقائمين على إصدار الأحكام لمراعاة الحالة النفسيّة للفاعل وأن يُحكموا الوجدان قبل النّطق بالأحكام التي قد يكون منها الإعدام … طيّب ..كل هذا رائع ويدعو للطّمأنينة حيث أتمتّع بحقوقي كواحد من هذا المجتمع ، إلاّ أنَّ الواقع والحقيقة يدعواني لألحظ أفعالاً ( قد يلحظها القانون ويغفل عنها المنفّذون ) يقوم بها البعض منّا من المستهترين أو الجهلة وينجم عنها في أبسط الحالات إيذاء قد لا يكون مادّيّاً ولكنّه في حالات معيّنة يكون أكثر من مادّيّ إذ قد يكون الموت أو العاهة المستديمة أو … أو … من نتائج فعل أرعن من أحمق لم يراعِ حرمة الآخرين ولا الحقوق العامّة ، من هذه الأفعال رمي قشور الموز على الأرصفة والطّرقات العامّة ، هنا دعوني أفصّل قليلاً فمن يرمي بقشرة الموز لا شك في كونه مستهتراً وقد يكون غافلاً عمّا قد ينجم عن هذا الفعل من أذى أو ضرر قد يصل إلى الموت إذا ما انزلق أحد المارّة على قشرة الموز تلك وارتطم رأسه بحافّة الرّصيف ممّا قد يؤدي إلى كسر جمجمة أو نزيف دماغيّ يوصل إلى القبر ، أليست هذه جريمة ..!! أليس مجرماً قاتلاً من رمى بالقشرة …!! ألا تعتبر قشرة الموز هنا أداة قتل ..!! أكثر من هذا ألا يعتبر من شاهد فعل رمي القشرة وسكت عنه شريكاً في الجرم …!! ومن لم يشاهد فعل رمي القشرة ولكنّه رآها مرميّة على الأرض ولم يكلّف نفسه عناء التقاطها ورميها حيث يجب ألا يمكن اعتباره شريكاً بشكل أو بآخر على اعتبار قشرة الموز أداة قتل أو إيذاء محتملة …!! فماذا يمكن لقاضي التّحقيق أن يقول أمام جريمة كتلك …!! وعلى من سيصدر الأحكام …!! لست أدري هنا إذا كان القانون يعاقب على فعل كهذا من حيث النّتائج المحتملة بنسب كبيرة لردع ( رماة قشور الموز ) …!! باعتقادي يجري هذا على من يرمي بذور الكرز أيضاً حيث أنها تؤدي إلى زحلقة المارة وبالتالي ينجم ما ينجم من نتائج ليست محمودة …!! طيّب …فما نقول إذن في حقّ من ينثر غبار السجّادات أو البطّانيّات من على الشرفة موزّعاً ما تختزنه على الجيران على هذا ماذا نقول عن سيارات البلدية التي تجمع قمامة الحاويات وتسير ليتساقط بعضها أو ( ليتسرّب منها عصير القمامة ..!!) …!! ماذا نقول عن عامل يكسو الأبنية بالرّخام ويقوم بنشره ناشراً غباره هنا وهناك خاصة إذا ما كان الطّقس شديد الحرارة أو الرطوبة …!!وماذا يمكننا أن نحكم على من لم يقم بواجبه عند الفحص الدّوريّ لميكانيك الآليات ناسياً أن الكوابح والأجهزة الأخرى المسؤولة عن منح السائق القدرة للسيطرة والتوازن من الخطورة بمكان إذا لم تكن سليمة تماماً فتؤدي إلى حوادث منها القاتلة ومنها الشديدة الإيذاء …!!
في جعبتي الكثير الكثير وفي جعابكم الأكثر والأكثر عن جرائم حقيقية إلاّ أنها تمرّ دونما عقوبة رادعة أو مساءلة فهل لنا أن نلحظ مثل هذه الجرائم وأن نمنع أنفسنا في أقلّ اعتبار من ارتكابها أو التغاضي عنها وعن مرتكبيها لا حول ولا قوّة إلاّ بالله … والله من وراء المقاصد والنوايا .

شاهد أيضاً

تمكين الأخصائيين الإجتماعيين إلهام التحرك قيادة التغيير

بقلم / يارا مختار / الاخصائية الاجتماعية – مكة المكرمة في اليوم العالمي للخدمة الإجتماعية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.