الرئيسية / آراء حرة / قراءة نقدية لمسرحية وكالات للكاتب عمار نعمة جابر

قراءة نقدية لمسرحية وكالات للكاتب عمار نعمة جابر

كتب : م.م . وضاء قحطان الحمداني

 

خلاصة المسرحية :
كان هناك مواطناً كل ما يريده هو أن يقضي ليلة بهدوء وينام بعيداً عن نشرات الاخبار التلفزيونية التي تأتي على رأس كل ساعة وفيها أخبار القتل والزلازل والفيضانات والمجاعات ، والمسرحية هي من نوع المونودراما والكوميديا السوداء التي تبحث في حياة ويوميات مواطن تعب من الحياة ومن القنوات ويريد ليلة واحدة
أن ينام بهدوء وعمق ، ومن الاحداث المهمة في المسرحية الحدث الاول : يفرح ويرقص من الفرح لأنه يسمع بأن للمواطن الحق في اتخاذ قرار يجده صواباً ، ثم نسمع صوت التلفزيون يسحب هذا القرار من المواطن ، ثم يعرض على التلفزيون مشاهد القتل والزلازل والفيضانات والمجاعات ويكتب في الشريط السفلي بلا تعليق هذه هي المفارقة ، والمفارقة والحدث الآخر المهم هو ان هناك اهتماماً بسوق المال والبورصة وأسعار النفط وليس هناك أدنى اهتمام بالمواطن اضافة الى متاعب الحياة وآلامها وأوجاعها أصبحت نشرات الاخبار تزيد من متاعب الحياة بدلاً من أن تسليه وتمتعه ، فالمواطن مل من نشرات الاخبار والمباريات والافلام والمسلسلات المكررة ومشاهد الموتى والجثث المتفحمة ، والحدث المهم الآخر تطلق القناة خبر بأنها سوف تتوقف عن البث فيفرح ويطير من الفرح لهذا النبأ ويحاول أن ينام لكنه يصحو على صوت القناة وهو يقول ان البث قد رجع وان الديمقراطية الجديدة هي التي جاءت بالصوت والصورة الجديدة ثم يظهر التلفزيون اعدام رجل فيقرر اطفاء جميع شاشات التلفزيون ورمي جميع ريمونتات الكنترول أي أجهزة التحكم عن بعد ثم محاولة النوم حيث يقول بأن هذا هو ربيعه العربي لكنه لا يستطيع أن يعيش بدون القنوات وأن يضل باتجاه الحائط كما أرادت أمه منه ذلك ، فيخرج الريمونت من داخل البطانية ويسمع أغنية بصوت السيدة فيروز وهكذا تنتهي هذه المونودراما الواقعية وهو يحاول أن ينام على موسيقى وأغنية السيدة فيروز تلك الاغنية الجميلة الهادئة التي تقول : (( أنا وشادي غنينا سوى لعبنا على التلج ركضنا بالهوا
كتبنا عالحجار قصص زغار ولوحنا بالهوا
والتلج اجا وراح التلج
عشرين مرة اجا وراح التلج
وأنا صرت اكبر وشادي بعدو زغير عم يلعب بالتلج )).


تحليل العينة :
نجد في هذا النص المعطيات الآتية : فنحن أمام مسرحية مونودراما واقعية فيها كوميديا سوداء والمؤشرات هي كشف الحقيقة ولمس الواقع ممزوجة بالكوميديا السوداء ويظهر هذا في الحوار الآتي المواطن: (( خصوصيات هل تفهمون هل هناك خصوصية في الصالة وسط بيتي هل هناك خصوصية في مخدع النوم هل هناك خصوصية أكثر من ذلك لا لا تقل ذلك لا أرجوك هل تريد أن تكون معي في الحمام وعن أية موضوعات تتحدث نشرة الاخبار بالحمام هل تقدم التفاصيل أم تكتفي بالموجز )).
ونلاحظ في المسرحية استخدام الوثائق والوقائع وذلك من خلال شاشات التلفزيون المعلقة في الصالة التي تبث نشرات الاخبار طوال اليوم.
ونلاحظ في المسرحية اشارة للوضع السياسي والاجتماعي وذلك يظهر طوال صفحات وحوارات المسرحية ،حيث تمزج بين الوهم والحقيقة وهو يظهر على طوال صفحات وحوارات المسرحية. ان المسرحية تحاول كشف الحقيقة ولمس الواقع وهذا يتضح من الحوارات الآتية المواطن: (( هل جن جنون العالم ، سنغلق أفواه قنواتكم سنمنح الاطفال قصصاً للحب والمعرفة والسلام ، لماذا ترشقون أرواحهم بقصص الموت )).
ونلاحظ أيضاً كشف الحقيقة ولمس الواقع من خلال الحوار الآتي المواطن :
(( كم يهتمون بكل دينار في الاسواق وينظمون له أحلى المصارف وينسون الانسان بلا مأوى بلا عمل بلا طعام يموت كأي كلب أجرب وكأن العالم صار بلا قلب…بلا رحمة ))(2).
ونجد المفارقة المهمة التي لا تحدث في الواقع حينما تقول نشرات الاخبار بأنها سوف تتوقف عن البث فيقول المواطن : (( عطلة 0عطلة لجميع القنوات الفضائية هل تقصد انه يمكنني أن أنام بهدوء ))(3).
والحقيقة الاخيرة التي يذكرها الكاتب هو المقارنة بين محطات الامس ومحطات اليوم وهذا يتضح من خلال الحوار الآتي الذي يكشف في الحقيقة ويلمس الواقع .
المواطن : (( فقدنا أشياء حلوة كنا ندمنها كانت تسحرنا أغنية رسمت كلماتها على مهل ولها لحن صيغت نوتاته على مشاعر هادئة 0كانت حكايات مسلسل هادئ تفرش كلماتها على مساءات العمر زهوراً وكنا نستمع أخباراً قصيرة ومختصرة وقريبة جداً مما نرغب أن نسمعه. ونعشق وجوهاً نألفها لسنين. من جاء بكم الى صالتي ؟ من سمح لكم أن تسحقوا أيامي ؟ )). ثم في النهاية يأتي قراره الاخير والمحطة الاخيرة في المسرحية حينما يقرر غلق التلفزيون ورمي الريمونتات حيث يقول المواطن : (( هذا هو قراري.. هذا هو ربيعي القادم هذا ما أريد هل فهمتم ؟ )).
أي يقصد أن يغلق القنوات على طول وأن يرمي بالريمونت كونترول بعيداً عنه ولا يمسكه بعد اليوم ويريد أن يستمتع بنومة لليلة واحدة لكنه يتراجع عن قراره ويرجع يفتح هذه القنوات ، مع استخدام الموسيقى وأغنية فيروز في نهاية المسرحية. ونلاحظ ان وسيلة الاعلام التلفزيون لها دور رئيس في المسرحية ودورها الحقيقي في الكشف عن عيوب المجتمع ومحاولة اصلاحها سواء أكان في الشعب أو السلطة وليس وسيلة لتدمير الشعوب وتخريب النفس واثارة العداوات بين أقطار الوطن العربي. والشخصية الرئيسة نمطية وتلمس الواقع وغير متخيلة وذلك من خلال تحليلنا واياها.
* عمار نعمة جابر، مسرحية: وكالات، مجموعة خريف التماثيل ،ط1،(دمشق : تموز للطباعة والنشر والتوزيع،2014).

شاهد أيضاً

الزاني وبعض مسببات تلك الفاحشة

كتبت : منى فتحي حامد – مصر لقب يطلق على إحدى الشخصيات الغير سوية، تتعايش …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.