الأضواء / الدكتور فاروق عبدالزهره خلف الظالمي
تزخر الساحة الرياضية في محافظة البصرة بنماذج مضيئة وشخصيات تركت بصمتها الواضحة في ميادين الرياضة المدرسية والتنافسية، ويأتي في مقدمة هذه النماذج الكابتن مخلص عبد العباس التميمي، الذي يُعدّ مثالًا حيًا للرياضي المتكامل، إذ جمع بين موهبة اللاعب، وخبرة المدرب، وحكمة الإداري، مؤديًا رسالته الرياضية والتربوية بهدوء وإخلاص، بعيدًا عن الأضواء، واضعًا خدمة الرياضة المدرسية وتنمية الطاقات الشبابية هدفًا أساسًا لمسيرته.
البدايات واكتشاف الموهبة
تميز الكابتن مخلص عبد العباس منذ سنواته الأولى بمواصفات بدنية وفسيولوجية عالية، مكّنته من ممارسة مختلف الألعاب الرياضية بكفاءة واقتدار. وكانت انطلاقته الفعلية حينما كان يمارس لعبة كرة القدم في مركز حراسة المرمى، حيث لفت الأنظار بقدراته البدنية وردة فعله السريعة وطوله المناسب، وهي صفات جعلته حارس مرمى متميزًا.
وقد كان للمرحوم جاسم عبد جاسم دور محوري في اكتشاف هذه الموهبة الواعدة، إذ تنبّه إلى الإمكانات الكبيرة التي يمتلكها مخلص عبد العباس، ولا سيما ملاءمة بنيته الجسدية ومتطلباتها للعبة كرة اليد، فبادر إلى إقناعه بالتحول إلى هذه اللعبة، وهو القرار الذي شكّل نقطة تحوّل مفصلية في مسيرته الرياضية.
التألق لاعبًا وتمثيل المنتخبات
لم يلبث الكابتن مخلص أن أثبت جدارته في لعبة كرة اليد، فسرعان ما تميّز في أدائه الفني والبدني، ليتم تصعيده وتمثيله تربية البصرة، ثم منتخب البصرة والمنتخب المدرسي، وصولًا إلى منتخب ناشئي العراق، حيث قدّم مستويات مشرّفة وأسهم في رفع اسم البصرة عاليًا في المحافل الرياضية.
وقد تميّز خلال مسيرته لاعبًا بالانضباط العالي، والروح القتالية، والالتزام الخططي، فضلًا عن أخلاقه الرياضية الرفيعة، ما جعله محل ثقة مدربيه وزملائه، ونموذجًا يُحتذى به للطلبة واللاعبين الناشئين.
الانتقال إلى التدريب وصناعة الأبطال
وبعد أن أنهى مرحلة اللعب، انتقل الكابتن مخلص عبد العباس إلى ميدان التدريب، حاملًا معه خبرته الطويلة وفهمه العميق لمتطلبات اللعبة. فعمل مدربًا في النشاط الرياضي المدرسي، وحقق خلال فترة قصيرة إنجازات ملموسة، تمثلت بحصد المراتب الأولى على مستوى العراق في لعبة كرة اليد، إضافة إلى حضوره الفاعل في مختلف البطولات المدرسية.
وقد تميّزت منهجيته التدريبية بالاعتماد على الأساليب الحديثة والمتنوعة، التي تجمع بين الإعداد البدني والمهاري والنفسي، مع التركيز على بناء اللاعب المتكامل، لا اللاعب المؤقت، وهو ما انعكس إيجابًا على مستوى اللاعبين الذين تخرجوا من تحت يديه، والذين أصبح عدد منهم ركائز أساسية في فرقهم ومنتخباتهم.
استمرارية اكتشاف المواهب وتطويرها
ولا يزال الكابتن مخلص عبد العباس حتى يومنا هذا يواصل مهمته في اكتشاف المواهب الرياضية، ولا سيما في لعبة كرة اليد، إذ يمتلك عينًا فنية ثاقبة وخبرة ميدانية طويلة تؤهله لاختيار العناصر الواعدة والعمل على صقلها وتطويرها وفق أسس علمية دقيقة، مستثمرًا كل الإمكانات المتاحة، رغم محدودية الدعم أحيانًا.
الإدارة الرياضية والعمل المؤسسي
إلى جانب عطائه لاعبًا ومدربًا، أثبت الكابتن مخلص عبد العباس نجاحًا لافتًا في الجانب الإداري، حيث يشغل حاليًا منصب مسؤول المراكز التدريبية في المديرية العامة لتربية البصرة / قسم النشاط الرياضي والكشفي. ومن خلال هذا الموقع، يتابع باهتمام بالغ مختلف الألعاب الرياضية، ويشرف على المراكز التدريبية والمدارس التخصصية، ساعيًا إلى تنظيم العمل وتطوير الأداء ورفع مستوى الرياضة المدرسية في المحافظة.
وقد عُرف عنه التزامه العالي، ودقته في المتابعة، وحرصه على العمل بروح الفريق الواحد، ما جعله ركيزة أساسية في نجاح العديد من البرامج والأنشطة الرياضية.
رسالة تربوية ودعوة للدعم
إن تجربة الكابتن مخلص عبد العباس تمثل رسالة واضحة بأهمية الرياضة المدرسية ودورها الكبير في بناء شخصية الطالب، وإبعاده عن الفراغ والسلوكيات السلبية، ولا سيما خلال العطل الدراسية، فضلًا عن دورها في تنمية القدرات البدنية، وبناء الأجسام السليمة، وفتح آفاق التفكير والإبداع لدى الطلبة.
ومن هنا، نوجّه دعوة صادقة إلى جميع المسؤولين والجهات المعنية بضرورة دعم قسم النشاط الرياضي والكشفي، وتوفير المستلزمات اللازمة لنجاح عمله، تقديرًا للجهود الكبيرة التي يبذلها المخلصون من أمثال الكابتن مخلص عبد العباس، الذين يعملون بصمت، لكن أثرهم واضح في صناعة الأجيال وبناء المستقبل الرياضي والتربوي لمحافظة البصرة.
جريدة الاضواء الالكترونية
