الرئيسية / آراء حرة / دموع الموت .. تستذكر الماضي القريب وتعتصر الالم بحرقة ..!!

دموع الموت .. تستذكر الماضي القريب وتعتصر الالم بحرقة ..!!

كتب : زكي الديراوي ـ العراق

عشت طفولتي في مدينة لا يمر بها الحزن الا نادرا سابقا ..وحتى الموت وقتها الناس تستغرب كيف مات فلان وهو لايشكو من شيء لم نسمع وقتها بمرض اسمه ضغط ..او يقولون..ليس هنالك احد سمع كلمة قولون وقولون عصبي ..وقولون مخبل.. .او سكر الا نادرا ..اعتقد احتمال هناك بعدد اصابع اليد أشخاص يعانون من مرض .يتسألون كيف مات فلان رغم أن عمره تجاوز الثمانين ولم يسأل احد وقتها فلان كم عمره وحتى الحوادث نادرة جدا السيارات قليلة ..لانشكوا من زحمة ..والحزن الآخر يمر بالسنة مرة واحدة وهو مراسيم شهر محرم الحرام…
لذلك نادرا مانر دمعة وربما تكون حديث الاصدقاء والمعارف وكانها حدث غريب ..كنا نتسابق بنقل النكات الجديدة المفرحة التي تسعد الناس ويتداولونها في البيوت والمقاهي..كانها اخبار مهمة ..
في مرحلة الابتدائية كان بيتنا تحيطه المناطق الزراعية والبساتين.. بالطريق إلى المدرسة امر بإعداد كثيرة من النخيل مختلفة النوعيات والطعم. لكنه نفس الظل نفس الكرم نفس الالوان ..التقط التمر او الرطب المتساقط على الأرض تحت النخيل كحال الجميع نلتقطه
نعالجه بنفخة خفيفة عن التراب ونأكله ونشرب من الانهر دون اي تصفية نشارك الاسماك الضفادع وجميع المخلوقات المائية بشرب الماء ..كان الماء عذبا.غير ملوث .
ذات يوم انتقلت عائلة من محافظة اخرى لمدينتنا رحبوا به الجميع ومنحوا اهل المنطقة له قطعة ارض مجانا وساعدوه على بناء البيت الذي أنجز بثلاثة ايام ..تم بناءه من القصب والبواري والطين ..
سعدت كثيرا أن ابنهم اكمل أوراق نقله إلى نفس المدرسة التي ارتادها مدرسة ابن الهيثم المختلطة كل يوم امر على بيتهم لنذهب للمدرسة معا ..نقطع الطريق بقصص بريئة او اسرد له فلما شاهدته في السينما ويستغرب لانه لم ير سينما سابقا ..
نلتقط التمر يوميا معا من الارض ..
للاسف صاحبي بدأ يرمي النخيل بالحجارة من أجل إسقاط كمية أكبر من التمر ويأخذها للبيت ..كم حاولت منعه لم يقتنع ..
ياصديقي اصعد واجني ماتحتاجه يتحجج بعدم معرفته صعود النخيل..طيب انا اصعد ..يقول لا ..هذا افضل ..
ندرس تحت النخيل ..نستظل بظلها ..نلعب احيانا حتى خلال الليل لعبة (عظيم الضاح) وهي لعبة شعبية بين فريقين أحد اعضاء الفريق يرمي العظم بالظلام بين النخيل بكل قوته وعلى الفريق الآخر الحصول على العظم وجلبه لتسجل لهم نقطة وهكذا ..نسمع صفقات بعض الأجنحة ليلا لحمام الفاخت ربما صعدت على اعشاشها حية او جرذان لأكل بيض الزرزور او الحمام
كثيرة ومتنوعة هي الطيور التي تعيش معنا حتى اللقالق اتذكرها …ماعدا الهدهد بالوانه الزاهية حذر من البشر نراه من بعيد ونسمع صوته المميز..اعتقد يخشى اصطياده لان البعض يعتقد أن احد عظامه يفيد في عمل السحر ويقولون انه لمعرفة العظم الذي يفيد السحر يوضع بنهر جار فيقف هذا العظم عكس تيار الماء..
اي ان تيار الماء لا يؤثر عليه ابدا ..
ذات يوم لاحظت وجود عدة ثقوب ..او ثقب واحد في بعض جذوع النخيل نسميها وقتها عيون تخرج منها مادة صمغية سميكة..لونها داكن يميل بين السواد والقهوائي الداكن..جمعت بعض هذه الدموع واخذتها معي للبيت في كيس ورقي ..واعطيته لامي رحمها الله ..فقالت ماهذا ياولدي ..
ماما وجدته يخرج من عيون في جذوع النخيل..
بعد صمت ..قالت هل اذيتم النخيل ؟ استغربت من السؤال وكيف نؤذيها..كيف نؤذي جذعها الصلب بايدينا اليافعة ..
قالت لا ..هل اقتطعتوا عذوق التمر قبل نضوجها ..لا لا..ضربتوها..تذكرت ..نعم امي ابن جيراننا يضرب عذوقها بالحجارة..
قالت يما هذه دموع الحزن ..دموع الموت..استغربت ..كيف. .واحد النخلات بعيدة بعض الشيء ولم يرمها احد بحجارة..
قالت يايما ان جذور. النخيل تعانق بعضها وتتحدث مع بعضها وتشكوا لبعضها ونحن لانعرف لغتها وحزنها وسعادتها ..استغربت من كلامها ..
قالت هي تبكي علينا اذ تقول اليوم ضربت بالحجارة غدا تقتلوني فيصيبكم الجوع وتفقدون لون السعادة الاخضر .ولا يجد العشاق ظلا للحديث او الاختباء خلف نخلة لاختطاف قبلة …ستفقدون الكثير من الدفء..ومااجمل طعم الشاي على السعف وخبز التنور الطيني والحطب..
اليوم نحن من تسقط دموعنا على غابات النخيل ..
اين انت شاعرنا الجميل رحمك الله ((عيناك غابة نخيل ساعة السحر))..
تنويه ومعلومة مهمة لمذيع تلفزيون mbc لم يفهم كلمات اغنية ناظم الغزالي رحمه الله فوك الن خل فوك ماادري لمع خده ماادري كمر فوق..الاغلبية يعتقدون انه يقول فوق النخل فوق لا . لا .لا .احبتي الكلمات تقول فوق النا خل( اي فوق لنا خليل ) قصده فوق البيت الطابق الأول او السطح ..
فوق النا خل ..وليس فوق النخل
..
النخيل أمن غذائي وامان وتجارة
النخيل ثروة غادرت للاسف ارض السواد…. اليوم تايلند تنافس السوق العالمية بالتمر..ونحن أصبحنا نستوردها بعدما كنا اول المصدرين من الفائض..

شاهد أيضاً

التضحية ديدن الطيبين

الأضواء /شيماء لطيف القطراني التضحية كلمة قليلة الحروف، كثيرة المعاني يصعب علينا حصرها في أسطر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.