الرئيسية / آراء حرة / يوم في الذاكرة

يوم في الذاكرة

كتب : ضي أياد ـ العراق

 

تِلكَ الليلةُ التي لاتُغادرُ ذاكرتي، لم يُخبِرُني أحدٌ بشيء لكن سُورةُ المائدة التي كانت عمّتي تتلوها بصوت ٍعالٍ جَعلَتني أفهم ، صَوتُ النحيب ومنظرُ الجمرُ المُحترق في عَيني أُمي كِنتُ بالكادِ أتمالكُ نفسي، لَيلتُها لم أُشارك أحدًا هذا الألم، أغلقتُ الباب وجلستُ بين أنقاضٌ غُرفتي، أردتُ أن أتحرر فإذا بي أسجنُ نفسي وأنا أضعُ راسي على ركبتي، لم أبكي ولكن عبرةٌ ما كانت تَخنقُني، دقاتُ الساعةِ تَعاقبت مع صوتِ صريخ أحَدهم لم أستطِع تمييزُ صَوته كَرّرها مرارًا “كيفَ تتركُني وتَرحل كيف!”، كُنتُ خائفًا كمجرمٍ عانقهُ الموت ولم يستطع أن ينطق الشهادة، حاولتُ أن أتمالكَ نفسي، نظرتُ إلى زجاجِ نافذتي بدا لي مكسورًا لاأدري وقتها هل كان مكسورٌ حقًا أم الدمعُ في عيناي جَعلَ الصورةَ مكسورة؟! ، أغمضتُ عيناي وتوسلتً أن يَحدُثَ شيئٌ يُنسيني ماحدث، فتحتُ عيناي صَارت أمامي لوحةَ الطائرِ الحُر لكن لم تكُن نفسها لا أعلمُ ماذا لطخَ اللوحةَ حتى ترائى لي إن في منتصفِ الطائرِ كانت هُناك رصاصةً محفورة ، أدرتُ رأسي لم أكُن أُريد لكل هذا أن يَحدث، تَمسّكت عيناي بالكرسيِ الخشَبي، لطالما كنتَ تجلسُ هنا لكن هذه المرة كان فارغًا ، تسائلتُ عَنك إن كُنتَ غادرتَ الكُرسي فعلًا؟ صوتٌ ما يَهمسُ بأُذُني لاأقدر بدونه لاأريدهُ أن يغيب ،لكن لم أستَطع أن أنطق بشيء كُنت صامتًا كجثةٍ هامدةٍ بلا روح، تمنيتُ أن تحدثُ معجزةٌ أو أن يحصلَ أمرٌ ما يجعلُني أفيق، تمنيتُ لو كانَ ماحدث مُجردَ حُلمٍ، فجأةٌ خرجَ النورُ من تلكَ النافذة، أبتسمتُ كما لو يدُ النجاةِ قد مُدّت إلي ولكن حتى النورُ من نافذتي صارَ يأخذُ شكلَ قبرك وكأن السماءَ منحتني بُقعة أرضٍ لأبكيكً فيها يا راحلي.

شاهد أيضاً

التضحية ديدن الطيبين

الأضواء /شيماء لطيف القطراني التضحية كلمة قليلة الحروف، كثيرة المعاني يصعب علينا حصرها في أسطر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.