الرئيسية / آراء حرة / الاقنــــاع فـن ام حـرب

الاقنــــاع فـن ام حـرب

كتب : جمال عابد فتاح ـ العراق

يلعب الاقناع دورا رئيسيا وحيويا في الحياة ,فالوالد في بيته يريد ان يقنع الاسرة بوجهة نظره ,والمسؤول في موقعه ايا كان يريد ان يقنع المرؤوسين ,والتاجر يحاول اقناع الزبائن , وصاحب الخدمة يحتاج الى اقناع جمهوره لقبول الخدمات , والتربوي يسعى لأقناع طلابه , والاعلامي يريد اقناع المتلقي , والسياسي يريد اقناع الجمهور بجدوى سياسته واهمية برامجه , ورجل العلاقات العامة يريد لتسويق المنتجات والخدمات لدى الجمهور المستهدف , والعسكري يفعل ذلك لتنمية المعنويات وصقل الارادة وتماسك القوات .
فالإقناع يلعب دورا رئيسيا في الحياة , ذلك ان الحياة ميدان للاتصال , والاتصال عملية انسانية وحياتية ذات جانب اجتماعي ونفسي ,لا تستقيم الحياة الاجتماعية وتكتمل الا بها ,ويأتي الاقناع ليظطلع بالدور الرئيس والمهم في الاتصال .
ويمكن تعريف الاقناع وتحديد معناه كمصطلح بانه الجهد المنظم المدروس الذي يستخدم وسائل مختلفة للتأثير على اراء الاخرين وافكارهم بحيث يجعلهم يقبلون ويوافقون على وجهة النظر في موضوع معين وذلك من خلال المعرفة النفسية والاجتماعية لذلك الجمهور المستهدف ,ونلاحظ من هذا بان الجهد مدروس ويقوم على اسس ثابتة ولكن الاهم ان الاقناع يهدف الى التأثير على العقل والفكر بهدف دفع الفرد او الجمهور لتقبل وجهة نظرنا , بينما تهدف الدعاية الى التأثير بشكل مباشر على عواطف ومشاعر ذلك الجمهور .
والاقناع يأخذ شكلين واضحين فهو اما ان يكون اقناعا مباشرا او اقناع غير مباشر ,فالاإقناع المباشر يخاطب الفرد او الجمهور بشكل تلقائي بدون مواربة او مداراة مما يستثير في العاة دفاعات المتلقي مما يجعله يبدي تصلبا ومقاومة نفسية متزايدة ينتج عنها في الغالب عدم قبول وجهة النظر المطروحة , اما الاقناع غير المباشر فيكون بالعادة متواريا ولكنه ذكي يدفع المتلقي الى استنتاج الامور بنفسه ومن ثم يعمد الى اتخاذ القرارات بصدد الموضوع المطروح من تلقاء نفسه مما يشعره بالرضا والراحة النفسية ,
ويعتبر الاقناع ناجحا اذا صدرت القرارات من الجهة المستفدية بحيث تكون موازية لما نطرحه من مواضيع ,بمعنى ان تلك القرارات تسير مع وجهات نظرنا المراد تبنيها , وكذلك فان الاقناع اما ان يكون طوعيا او قسريا , كما هو في عمليات غسيل الدماغ الفردي والجماهيري .
وحتى ينجح الاقناع ولا تضيع الجهود سدى لابد من مراعاة بعض العوامل في الرسالة التي نريد ايصالها الى الجمهور , فيتقبل مضمونها ويتبناه , وهذه العوامل هي :-
1- البساطة والوضوح ,بحيث ان الرسالة يجب ان تكون بسيطة وواضحة في مضمونها وفي لغتها وتكون مترابطة ومتسلسلة ومنطقية وتكون كاملة ومختصرة
2- الاثارة والتشويق كما هو الحال في الدعاية التجارية حيث يجب ان تكون في الرسالة نوع من التشويق واثارة الانتباه والاهتمام مما يحفز المتلقي على التعاون
3- اشباع الرغبات والحاجات ,فلدى المتلقي حاجات كثيرة مما يجب معه معرفة تلك الرغبات والحاجات التي تنسجم مع مضمون الرسالة للعمل على اشباعها ما امكن وغالبا ما تعمد الرسائل الى اثارة حاجة حب الاستطلاع واحيانا الحاجة الى الامان وهكذا
4- المصداقية في المضمون وفي المرسل او المصدر نفسه : وهذا يتطلب منا توخي الصدق في المعلومات والدقة والوضوح
5- الاثابة والتعزيز :ويعتمد مبدا التربية والتعليم على الثواب والعقاب وعلى مبدا التعزيز السلبي والايجابي , كذلك تفعل الدعاية سواء كانت تجارية او سياسية
نرجع الى عنوان المقالة هل الاقناع فن ام حرب , فالإقناع هو عملية علمية تحتاج الى تكتيك وتقنية وهو فن قائم بحد ذاته وتقنية تستخدم في مواطن كثيرة ويحتاجها كل فرد في كل موقع وتدور في مجملها على التاثير على الفكر بأساليب مقبولة وواضحة وغير مغفلة العوامل الانسانية والنفسية والاجتماعية .
واذا انتقلنا من فن الاقناع الى حرب الاقناع فأننا نجد ان هذا المصطلح انما يعمد الى تبنيه القائمون على العمليات النفسية او الحرب النفسية حيث يعتبرون ان الحرب النفسية تتضمن نوعا من الاقناع ولكنه يترافق مع عمليات الايحاء واستخدام هذه التقنيات تعتبر ضرورية لإنجاز المهام النفسية التي تأخذ اشكالا مختلفة , منها الدعاية والاشاعة والتضليل الاعلامي واستخدام البيانات او البلاغات والنداءات عبر مكبر الصوت او المناشير وغيرها من الوسائل ,
اذن الاقناع هو احد الاساليب المرافقة لغيرها مما يستخدم في مجال الحرب النفسية ,وباختصار فان الدعاية السياسية كأسلوب من اساليب الحرب النفسية تسعى للتأثير على العواطف والمشاعر اكثر من سعيها للتأثير على الفكر والعقل الا انها تستخدم الاقناع وتلجا اليه كوسيلة اضافية مساعدة ومعنية لعمليات التأثير على النواحي الوجدانية لدى المستهدف , ويبدو هذا في مجال غسيل الدماغ فان الاقناع يأتي ضمن عمليات الايحاء والعزل وغيرها من الضغوط النفسية والمادية مع عمليات اعادة التعليم بأساليب الثواب والعقاب وذلك في السعي لأحداث التغير المطلوب ولذلك فهو يعرف بانه اقناع قسري مقنن أي انه اقناع بالإكراه.
وفي واقعنا اليوم هناك عدة اسئلة يجب ان تكون مقتنع بها ام لا . ومنها وباء الكورونا , والحجر المنزلي وعدد الاصابات والحضر الجزئي والكلي وافتقاد الأدوية وكثرة عدد المتوفين وغيرها الكثير من الامور التي شلت الحركة في عموم العالم , وكذلك الاجراءات التي اتخذتها بعض الدول في سبيل الحد من هذا الفايروس ومنها مساعدة مواطنيها في دفع ايجار المنازل والماء والكهرباء وتقليل الضرائب وتوزيع المواد الغذائية والدوائية مجانا في سبيل ان لايشعر المواطن بالضيق والحرج .
كل هذه تحتاج الى اقناع لكي نتجنب الكوارث الناجمة عنها .

شاهد أيضاً

العيد وفرحة الأطفال

قلمي. منى فتحي حامد – مصر عيد الفطر فرحة الكبار والصغار، يأتى بعد صيام شهر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.