الرئيسية / تقارير ومقابلات / مـــن ذاكــرة البصـريين ( الطبكة والتنومة وجامعة البصرة )

مـــن ذاكــرة البصـريين ( الطبكة والتنومة وجامعة البصرة )

كتب : جمال عابد فتاح ـ العراق 

كثيرا ما تستهويني الكتابة عن البصرة وعن شوارعها واسواقها وصناعاتها وناسها الطيبين ,وقد كتبت عدة مواضيع عنها ,فقد كتبت عن العشار, وشارع الوطني , وسوق المغايز , والاعدادية المركزية , وسوق الهرج ,ودور السينما فيها والكثير من المواضيع التي تخص تراث البصرة ,وقد رجعت بي الذاكرة الى الوراء وانا اتذكر الطبكة , تلك العبارة التي كانت تنقل الناس من العشار الى التنومة وبالعكس  , وكانت من اجمل الاشياء في البصرة ,عندما تمشي في شارع الكورنيش وتمر على كازينو البدر ذلك المعلم المهم في البصرة وكازينو 14 تموز وفندق جبهة النصر والى ان تصل الى مكان الطبكة هذه , وجامعة البصرة لها ذكريات جميلة في نفسي ولي مع زملائي واساتذتي ذكريات جميلة لن تمر من الذاكرة .

وجامعة البصرة ومنذ تأسيسها  في عام 1964 وحتى منتصف الثمانينات ,كانت بناياتها في منطقة التنومة بقضاء شط العرب , وكان طلبتها واساتذتها وملاكها الوظيفي يذهبون الى الجامعة بواسطة ( الطبكة ) , اذا يعبرون من العشار الى التنومة وهم يستقبلون بفرح وحب يوم جديد ,حيث ان عقد السبعينات كان من اجمل العقود في تاريخ البصرة لان البصرة كانت تعيش بسلام وبدون جروب , الى ان اندلعت الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات ,فاتخذ النظام البائد قرارا بنقل مباني جامعة البصرة الى موقعين هما كرمة علي والتي ضمت رئاسة الجامعة والكليات العلمية , وباب الزبير والذي ضم الكليات الانسانية , وليبفى بعدها مبنى الجامعة في التنومة مجرد اكوام من الطابو بعد ان تم هدمه لكونه وفي ذلك الوقت اصبح جزءا من ساحات القتال في تلك الحرب اللعينة والتي استمرت ثمانية سنوات .

كانت الطبكة هي الوسيلة الوحيدة لعبور شط العرب  بالمجان مع بعض الزوارق التي تنقل الناس والطلاب باجور زهيدة جدا ,  والطبكة بالمفهوم العام تسمى العبارة , وكانت هناك عبارتان فقط في البصرة , الاولى تسمى ( ابن فضل ) والثانية تسمى ( ابن ماجد ) تيمنا بالعالميين العربيين وجهودهما في الرحلات البحرية ,وكانت العبارتان ايضا تستخدمان لعبور السيارات الخشبية لنقل الطلبة من والى الجامعة والتي كانت تبعد خمسة كيلومترات عن النقطة التي تقف عندها العبارة , وفي الطبكة تدور الكثير من المفارقات الجميلة والحوارات والمناقشات الطويلة لان وقوفها يطول وقد يستغرق نصف ساعة او ساعة في بعض الاحيان ريثما تكتظ بالناس والطلبة وبالمعنى العام ( تقبط ) , وهناك احاديث خاصة بين الطلبة تتحرك في وجدانهم وحواسهم نشوة الشباب والفتوة لتكون الاحاديث اكثر دفئا وربما تتحول هذه العلاقات الى علاقات عاطفية وقد تنتهي بالزواج او الفراق , كما ان جامعة البصرة عاشت ايام الفيضان والذي حدث عام 1968 وقد احدث فيضانا مدمرا اغرق الجامعة , وقد هب اهالي البصرة ومنتسبوا الجامعة بالرغم من قلة عددهم وضعف الامكانيات المتاحة في ذلك الوقت على عمل سدود ترابية لإنقاذ ما يمكن انقاذه ,ورغم هذه الظروف فان الدراسة لم تتوقف في الجامعة واصبحت الدراسة فيها حالة ممتعة في مثل هذه الظروف .

هكذا كانت الحياة في البصرة في ذلك الزمن وعندما تصل الطبكة الى العشار قادمة من التنومة وعندما تنزل الى العشار باتجاه مركز العشار تشاهد فلكة اسد بابل والتي كانت تتميز بالجمال والروعة وهي في بداية مدخل شارع الوطن , وعلى الجانب الاخر منها , عبر الشط تشاهد مقر الجنسية  والجوازات القديم ومقابله يقع جامع مقام علي والذي بقى لحد الان شاهدا على جمال البصرة .

رحم الله ايام زمان , ويا ليتنا نعود الى مقاعد الدراسة لنستذكر اجمل الايام التي عشناها من عمرنا , ولكن مع الاسف فقد اصبحت ايام الصبا والشباب والمراهقة وايام الجامعة مجرد ذكريات تمر على بالنا بين  فترة واخرى دون ان تنمحي من الذاكرة .

شاهد أيضاً

بيوت الشناشيل تراث وميراث البصرة

تقرير/شيماء القطراني بين كل مدينة ومدينة تتجول بموقع اثري بيها، وبين كل منطقة أثرية ومنطقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.