الرئيسية / آراء حرة / أن تكون متطرفاً

أن تكون متطرفاً

كتب :أمجد حميد ـ العراق

 

  يولد الانسان مع ثلاث لم يكن له سلطة اختيارهن قبل وجوده : حقبته التاريخية و نقطته الجغرافية و نوع جنسه , و بناءً  على هذه العوامل  الثلاث  يتم صنع منظومة تتناسب و طبيعة ما نتج او  يتم  انتاجه مع الذين شاركوه هذه  العوامل من بني جنسه , و ما يتم خلقه في هذه المنظومة من قول او فعل هو ما نسميه  العقيدة . فآيا كان شكل العقيدة (اخلاقية , سياسية ) او نوعها ( دينية , فكرية ) فهي ترسم لهذا المولود الجديد نمط حياته في العقدين الاولين من عمره  تقريباً من الصعب ان ينفك منه , و مما لا شك  فيه فان المؤثر الاول هو الدائرة الصغرى (العائلة) و المؤثر الثاني هو الدائرة الكبرى (المجتمع).

   مثل هذا النوع من العقيدة نسميه عقيدة مكتسبة لان الفرد  لا يملك اي فكرة  او ارادة  لاختيار غيرها او  للتخيير بينها  و بين غيرها , في ما  يجعله حرفياً اسير عوامله التشكيلية و لا يجد مفراً لها . لكن في  بعض الاحيان ز على الاغلب حين يشارف الفرد على انهاء عقده الثاني قد تضاف بعض العوامل الخارجية التي من الممكن ان تصنع تغييرا في العقيدة ذاتها او تغيير العقيدة الشخصية راديكالياً مثل الاطلاع الشامل  او  حدوث صدمة  اثر حادث معين , في  ما نسميه بالعقيدة الاكتسابية كون ان الفرد يكون اخيراً قادرا على الاختيار و التغيير في ان معاً , و حينها سيكون التغيير كاسر للعوامل الاولية بالاستبدال احيانا بالعوامل الخارجية كون ان الاخيرة هي ما اكتشفه بنفسه و  لم يتلقنه من  اهله او مجتمعه . بذلك نستنتج ان  الانسان لا يخلو من عقيدة كما لا يخلو من فؤاد , و ان العقيدة – اي عقيدة – سترسم مقياساً نعمل  عليه ميتافيزيقياً و هو الثبات بالعقيدة , حيث اننا اتفقنا بان كل انسان له عقيدته الا اننا لا نستطيع ان  نجزم بانه يطبق فحواها بكل حذافيرها او بنسبة مهولة , فمنهم من يكون صارماً في عقيدته  و فكرته سواء كانت مكتسبة  او  اكتسابية و البعض الاخر عكس ذلك تماماً , لكن و رغم كل الاختلاف فان نهاية كل فرد ستتحدد على الاغلب بحجم ثبات عقيدته , لذلك قد تساوت مصائر كل من  ماكبث و ويلي و بنين و فاوستس و لير و يوليوس قيصر و غيرهم ممن قادهم الثبات في عقيدتهم -و ليس العقيدة بذاتها-  الى نفس النهاية  و بغض النظر عن  جوانبها الايجابية او السلبية , و هو اما الموت بسبب هذه العقيدة و مقدار الثبات فيها او الموت لاجل هذه العقيدة والثبات لاجلها.

   و كما اسلفنا الذكر فان الثبات في العقيدة لا يوجب وجوده في مختلف العقائد البشرية لانه الجانب التطبيقي من العقيدة  حيث لا يتم معرفة ذلك الا من استجماع التطبيقات الفردية لعقيدتهم  و  نرى نتائجها على ارض الواقع , حيث ستجد في  هذه  العملية نتيجة ماساوية تجبر المقابل احياناً بالاعتراف بانه يتبع عقيدته بدون تطبيق ما فيها , و لا شيء ابسط مثلاً من اجابة اي مسلم حين تكون المقارنة بين الشرق و الغرب و يرددون قائلين “لديهم اسلام و لا يوجد مسلمين” كالاشارة التي نشيد بها بان اتباع  عقيدة شيء و الثبات فيها شيء اخر . و كلما ازداد تطبيق العقيدة ازدادت ثباتيتها حيث تصل الى مرحلة الفرض و التسيير سواء على الصعيد الفردي او الجمعي , و الوصول الى مثل هذا الحد نسميه (تطرف) كون ان الفرد قد تعدى مرحلة التطبيق و دخل بمرحلة التسيير و الفرض في الجانبين بغض النظر عن العقيدة و مدى سماحيتها لاجل هذا  التطرف. ولا نقصد بذلك بان كل تطرف او تصاعد  منتظم في تطبيق عقيدة ما يصب سلباً على الفرد  او  الافراد بل قد تكون  هناك جوانب ايجابية , و تصل  المفارقة بان عقيدة  سلبية تصنع تطرفاً ذا منحى ايجابي كون ان الافراد يتعاطونه لاجل غايته فيخلق تطرفاً بعده سلبي كون ان الانسان ينسى دائماً ان العقائد السامية  لا تتحقق بدون تطبيق او ثبات فيه بشكل سامي كما سنوضحه في بحثنا هذا  , فنحن نتعاطف مع عقيدة روبن هود لكننا لا نستطيع تطبيق هذه العقيدة لانها لن تصنع حلاً جذرية  للمشكلة المسؤولة عن خلق عقيدة كهذه ! و ان  تصبح  شخصية  الجوكر او  اي شخصية مجرمة تم تلميعها درامياً هي معشوقة من قبل الملايين ليس الا نقصاً روحياً في عقائد اولئك الافراد ما يوديهم للايمان بهم .  لذلك يجب علينا ان نميز التطرف بناءً على نتائجه الى تطرف ايجابي لاجل عقيدة كأن يكون الفرد صارماً فيها صرامة سانتياغو لسمكته التي اصطادها و لم يأكل من لحمها , فأثره على هذا الثبات الذي لا تراجع فيه لم يؤثر على غيره بل على نفسه و بشيء ينفعه و يقويه لا يضره و يضعفه , اما الثاني فهو السلبي و المبني على القهر والجبر حيث ان  هذا الثبات سيؤدي الى نهاية معروفة مسبقاً فلا احد  سيتفاجأ من موت ويلي في مسرحية “موت بائع  متجول” كون  ان  تطرفه في العقيدة التي رسمها في حياته فرضت على الاخرين و عليه في ان واحد.

   و بما اننا عرفنا بان العقيدة مفروضة الوجود  في حياة الفرد لكن الثبات فيها هو المقياس بمدى تطبيق بنود هذه العقيدة و ان كلما ازداد ثبات المرء  في  عقيدته كلما ازداد تطرفه نحو هذه العقيدة  , وجب ان نعرف ما هي العوامل الممكنة التي تجعل من الفرد ثابتاً في عقيدته  لهذا الحد , و هي تبدا بمرحلة الطفولة او التربية الاولية للفرد حيث تتشكل هذه  التراكمات بناءً على التلقين المباشر لافكار و معتقدات لا تناسب حجم عقله و ادراكه في هذه  المرحلة العمرية , حيث سيعتقد الطفل اعتقاد تام و مؤكد بصورة لاواعية لما تم تلقينه في هذه المرحلة . هكذا تبقى فكرة جوهر وجود الفرد لحظة ادراكه لمثل هذه الحالة هي شغله الشاغل باستثناء اختياره لتجاهلها , و حينها لا فرار من بناءات الماضي و  ما املاه عليه .

    ام السبب الثاني و هو يتعلق بالمرحلة الثانية من حياة الفرد فيتمثل بالدائرة المجتمعية التي سيطأ زواياها  , و  قد تبدو هذه الدائرة اهم من الاولى كون ان نسبة تطابق معطيات المرحلة الاولى مع الثانية هو ما سيشكل ثبات عقيدته , فلو خرجت فتاة من بيتها متعلمةً  بانه يجب  ان ترتدي النقاب قد تتحطم هذه الفكرة من عقيدتها حين ترى فتاة او مجموعة غيرها لا يرتدينه , و  ان حدث العكس حيث لن ترى في مجتمعها مثل ذلك ستؤمن بشكل قاطع بانه من المستحيل ان نجد فتاة  في العالم لا ترتديه و ان مثل هذا الشيء حالة استثنائية و نادرة !  .

   وحين ينجو المرء من السببين السابقين حيث يصبح فرداً  عادياً يتعاطى مقيمات هذه العقيدة باسلوب متذبذب لا يحمل غالباً على  محمل الصرامة و القوة كما يفعل المتطرف فقد يصنع  في حياته سبيلاً معرفياً ذا اوجه متعددة تصنع بداخله شكاً  فايروسياً  ينتظر ايجاد و استجماع الثغرات التي تحملها عقيدته المكتسبة , و بذلك سيكوّن عقيدة جديدة ذاتية الصنع و يكون فيها متطرفاً لكن بطريقة منتظمة و علمية اكثر . باختصار فان الاكتساب الذاتي لعقيدة جديدة مكونة من استجماع العقيدة المكتسبة هو ما سيخلق شخصية عدائية غالباً لمعتقده المكتسب مثل ما صنع الاكتساب الذاتي عداء عبدالله القصيمي للاسلام السني و خصوصاً السلفية , و كما صنع عداء هادي العلوي للاسلام الشيعي و خصوصاً شخصية علي بن ابي طالب . لذلك فان من الخطأ الاعتقاد بان زيادة المعرفة لا تصنع تطرفاً فهي اما ستجعلك متطرفاً في عقيدتك او متطرفاً ضدها غالباً.

   بذلك نستخلص بان الفرد يصبح متطرفاً على حسب المؤثرات الخارجية التي تصب في وعاء  روحه و أن هذه المؤثرات يتناسب تأثيرها عكسياً مع عمر الفرد و سعة الاكتساب العقلي ليكون بذلك هذه  الصرامة و التزمت في العقيدة ضد العقائد الاخرى , لان التطرف موجود للعداء و لا نفع لوجوده بدون عدو له و الا لأصبح التزاماً عقائدياً ذاتي هدفه الاول و الاخير تطبيق مسلة القوانين الخاصة بهذه العقيدة . الا ان الالتزام العقائدي ايضاً فيه تعدد من الناحية النظرية , اي  ان الملتزم و المتطرف يتشاركان احياناً في سمة واحدة و هي محدودية التأثير التي تحملها ثباتيتهم في العقيدة على من حولهم , لان بعض انواع التطرف يكون نظرياً لا يتعدى حدود الشفتين حيث يتم المناداة بمعطيات التطرف من خلال الكلام و الدعوة اليها لا اكثر , بذلك يكون الاختلاف بين الملتزم و المتطرف   بان ثبات العقيدة عند الاول بتطبيقها بينه و بين نفسه على الاغلب , اما الاخير فبينه و بين من لا يؤمن بهذه العقيدة , الا ان الشيء المشترك بينهم هو انهم محتجزين بشفتيهم و لا يتجاوز حدود المختلف عنهم , لذلك نسمي مثل هذا النوع من التطرف بالتطرف النظري .

   و من هؤلاء عدد لا حدود له سواء في الماضي او الحاضر , لكن الامانة العلمية و التاريخية توجب علينا الاعتراف بان المتطرف النظري في الحاضر اصبح اكبر تأثيرا من الماضي كون ان مواقع التواصل الاجتماعي اتاحت فرصة لشمل عدد اكبر من المستمعين و تلميع ما يملكه لهم بمختلف الوسائل المتاحة في هذه المنصات , بالرغم من ذلك فان هذا التأثير مفعوله بسيط باستثناء تحويله الى النوع الثاني من المتطرفين و هو المتطرف التطبيقي , و هذا النوع هو ما اردنا الوصول اليه من هذه الكلمات الموجودة في البحث لانه هو من يشكل الخطر الفعلي و الظاهري في هذا العالم لان هذا النوع لا يتقيد بشفتيه بل يخرج عليها و يفرض ما يؤمن به على الاخرين سواء من نفس عقيدته او من خارجها , حيث تكوّن لنا شخصية ارهابية تواجه كل ما و من يختلف عن عقيدته و مبادئها بمختلف الوسائل التي اساسها الردع التام لهذا العدو . و قد يختلف التأثير الفعلي  للتطرف التطبيقي حسب العقيدة و مدى ثبات متبعيها , فالعقائد الانسانية مثل المثلية الجنسية و الحركة التعصبية “Just Stop Oil ” الموجودة في بريطانيا و التي كان هدفها محاربة الفن كونه لا يحمل قيمة اكبر من قيمة الانسان و مواجهته الحالية للاحتباس الحراري و المشاكل البيئية , الا ان مثل هذه الحركات رغم تاثيراتها البعيدة المدى غالباً الا انها لا تمثل التطرف الاسوء في العالم , لان التطرف التطبيقي الحقيقي حين يكون ذا كيان عسكري عقائدي منفصل بحت , و خير دليل على ذلك الميليشيات الدينية و الفكرية التي حملها العقدين الاخرين مثل القاعدة و داعش و حتى عصابة كو كلوكس كلان التي تؤمن بان الهيمنة العالمية لمن حالفه الحظ بان تكون صبغة ميلانين جسمه بيضاء لا غير .

   من خلال الشكل التفصيلي لهذا الاجتهاد الذاتي المسمى تطرف قد اظهرنا حقيقتين غائبتين عن عيون الاغلبية , الاولى هي ان التطرف لا يحمل شكلاً واحداً بل اشكالاً متعددة , وان المتطرف النظري هو النوع الذي لم يملك الشجاعة الكافية او التطرف الكافي ليجعله يفرض على المختلف عنه عقيدته بل يكتفي بامره و اخباره بذلك , و الثانية هي ان حتى التطرف التطبيقي يختلف في مستوياته و تاثيراته بل حتى نبله الفكري نسبياً كون انه بجميع الحالات يبقى تطرف , لأننا من المستحيل ان نساوي القاعدة بمجموعة جست ستوب اويل كون ان الثاتية هي اوسع فكرياً و انسانية غائياً اكثر من الاولى , لكن حين نقارن داعش  او الاخوان المسلمين بمجموعة كو كلوكس كلان فان الفارق الوحيد هو الرصيد الجرائمي  الذي حصدته المجموعتين المتطرفتين لا اكثر , لذلك فان التطرف ذا  القوة الجماهيرية المسلحة هو اخطر انواع التطرف و ذا اثار مدمرة و بعيدة تاريخياً و جغرافياً .

   هذا المقياس المعقول الذي من خلاله اوضحنا التميز الفعلي بين كل عقيدة و شكل تطرفها , و الذي بدوره قد بين اكثر ان التطرف المبني على العقائد الدينية يكون ذا تاثير و صلابة اكثر من التطرف المبني على العقائد الغير دينية او الفكرية نسبياً , فنحن مهما بنينا توقعات على التطرف الحاصل من العقيدة المثلية فاننا من المستحيل ان نتوقع يوماً بان هذا التطرف سيصنع جيشاً  يحارب من اجل عقيدته , و ان حدث هذا صدفةً فلن يدوم مع نظرائه اصحاب الثوابت المطلقة و الوعود الاخروية التي من المستحيل ان تجد مثيل لها في هذه الحياة الزهيدة .

   ان هذا الاختلاف البنائي يخلق ابعاد تراكمية يختلف مداها حسب الجيل و نوع العقيدة و المجتمع الذي يتبنى هذه العقيدة و تطرفها , و ما نقصده بالابعاد التراكمية هو كمية التغييرات التي ستطرأ على مجتمع ما اثر عقيدة معينة حسب كمية تعاطيها , و بما ان التطرف هو اعلى مستويات التعاطي الفكري لعقيدة ما فان التراكمات التي سيخلقها المجتمع ستصبح صعبة الانكسار كلما طالت اقامتها الزمنية في المجتمع , و هذه التراكمات تحدث على اهم الاصعدة التي تبني هيكلة حياة الفرد : التراكمية السياسية و الاجتماعية و الأبستمولوجية . وقد يعتقد الكثير باننا اهملنا بعض التراكمات الاخرى التي لا تقل اهمية عن ما ذكرناه كالتراكمات الاقتصادية و النفسية , الا ان هذه المجالات لا تمثل الا وسائل بيد المتطرفين للمجالات الثلاثة التي ذكرناها كي يستطيعوا السيطرة على الفرد و المجموعة لنصرة تطرفهم , اما الثالوث الذي ذكرناه فهو الهدف الاول و الاخير لنصرة تطرفهم لان من الاستحالة بناء اي تطرف على ارض الواقع ان لم يستهدف الهيكلة السياسية و المجتمعية و المعرفية لهذا المجتمع لكي يتم ضمان بقاء هذا الفرض العقائدي الاجباري على الافراد . فاقتصاد طالبان لا اهمية له حتى و ان حارب المخدرات لان هدفه الاول هو تقنين المجتمع اسلامياً لدرجة اغلاق صالونات الحلاقة النسائية .

   من المحتمل ان القارئ قد استوعب لاارادياً من خلال هيكلة البحث بان التطرف لا يمكن انهاءه على المدى البعيد و القريب كون انه ذا منشأ متعدد وليس واحد , بالاضافة الى ان تعدده النوعي الذي يفرض جبهتين للمواجهة لا تعلو واحدة على الاخرى فيها. ان هذه النظرية صحيحة نسبياً ان اخذنا بنظر الاعتبار الفرق بين العقيدة المكتسبة و الاكتسابية , لان قد يتوفر حلول للتطرف للعقيدة المكتسبة لكن  الحلول للعقيدة الاكتسابية شحيحة , لاننا نبهنا بان العقيدة المكتسبة قد تتغير حين يدخل الفرد الدائرة الثانية من حياته و هذا ما يصنع مرونة بايولوجية عند الفرد , الا ان العقيدة الاكتسابية تكون اصلب رأياً و اصعب معاملةً عند الاخرين , لانه كما وضحنا ايضاً ان ولادتها في الدائرة الثانية حيث يكون الفرد في قوة اكتسابه لاي فكرة كانت . ان الحلول الموضوعة لاي اتجاه او فرد يحمل عقيدة متطرفة هو مواجهتها بنفس طرق عللها و قلبها ضدها  , اي ان كان التطرف مبني على  التربية الاسرية فان الحل الحقيقي هو كسر حاجز المعرفة المحدودة و استخدام اسلوب المعرفة الغير محدودة في طرق التربية , و اما  ان كانت وليدة الدائرة المجتمعية فان توفير منظومة تقييم ذاتي عند افراد هذا المجتمع سترى الاختلاف سمة بشرية و لاهوتية , فلن نجد قطيع غزلان مثلاً تقرر الثورة على الضباع التي ستأكلها من دون باقي الغزلان ! لان التركيبة الابستمولوجية  عند باقي الكائنات الحية هي شمولية بحتة عكس الانسان الذي يصنع اختلافه بيده , ومن خال هذا التقييم الذاتي عند المجتمع سيتطور  عند الافراد ما نسميه بالمقياس الذاتي الذي يستخدمه الفرد لمقارنة كل عقيدة واخرى على وفق مبادئ و ضوابط معينة خارجة عن طور قداستها و حرمتها.

   هكذا نستخلص للقارئ غرض البحث و رسالته في  هذه الجمل البسيطة , وهي ان التطرف  لا يبدا حين يكون اعتقادك بان ما تتبعه هو افضل من ما يتبعه الاخرون , بل حين ترى ان  ما تتبعه يجب ان يسود فرضا و قسرا على من لا يتبعوه , و يجب ان لا يكون تطرفك مبني على الصدفة التاريخية او الجغرافية لان ذلك اخطر تطرف , اما ان لم يكن كذلك فقد يكون  الاخطر ايضاً , لان العقيدة التي تكسر حاجز الزمن ستدوم لفترة طويلة كما  راينا ذلك في العقيدة الشيوعية. و ان اي عقيدة في العالم حتى الانسانية منها من الممكن ان تخلق متطرفين يمكنهم العبث في العقيدة و تحجيمها على قدر تطرفهم , لذلك ان مواجهة  التطرف تبدأ  من خلالكم حين تنشروا تقبل الاختلاف و تصنعوا المقاييس المجتمعية التي تستقبل اي مختلف عنها  بشرط احترامه و  تقبله لمن و ما يختلف عنه , و ان زيادة المعرفة حين تكون مقرونة بمرونة عقلية و مجتمعية لن تصنع اي توجه متطرف كون ان الاخير لا ينشأ من تعدد المعارف بل من تحجيمها بعقيدة واحدة , لذلك انهوا التطرف الذي في داخلكم لكي نتجه الى الضحايا الموجودين في هذا العالم .

شاهد أيضاً

التطور التكنولوجي وتاثيره على المجتمع

كتبت / ايمان علي حسين ـ مصر  شهد العالم خلال العقود الاخيرة تطور تكنولوجي هائل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.