الرئيسية / آراء حرة / المشروع و غير المشروع في نظم الجماعة

المشروع و غير المشروع في نظم الجماعة

كتب : امجد حميد ـ العراق

تختلف الكائنات الحية  عن بعضها البعض حسب التركيبة السيسيولوجيه الى كائنات مجتمعية و غير مجتمعية لأسباب و دوافع هي شأن كل فئة وطبيعة اختيار كينونتها , فالكائنات التي تمتاز بانعزاليتها لن تكون يوماً في جماعات كي تزيد قوتها مثلاً و تحصل على  الغذاء بشكل اكثر وبوقت اقل  , و العكس عند الكائنات المجتمعية التي لن تفكر يوماً بان تنفصل كون اعتقادها بان مكنون قواها في اجتماعها لا العكس , لذا نرى ان كل كائن يحمل اسباباً تتناسب وطبيعة الدوافع الحيوية التي يحتاجها للبقاء على وجه هذه الارض . و بالرغم ان الانسان يصنف في هذا التصنيف من الكائنات الاجتماعية مذ وجوده الا انه  قد انحرف تدريجياً عن اصل و علة هذا التصنيف لسوء حظه ربما , حيث لم يعد الانسان بعد نشأة  الحضارة البشرية يكون ضمن مجموعة لأجل الفعاليات الحيوية بل اكبر من ذلك بكثير . ببساطة لم يعد الانسان يفكر بالطعام و الشراب لآجل سداد  حاجته اليومية كبقية الكائنات بل اتجه بالتفكير الى فترة اكبر واغراض اعمق , و  لم  يعد يفكر بالأشياء التي تبقيه حياً فقط بل بالأشياء التي تجعله حياً بصورة افضل نسبياً – كما يعتقد- من باقي الكائنات و من  بني جنسه ايضاً. 

و مع مرور الزمن لم تبقى هذه الجزئية التشكيلية تتربع عرش العقلية البشرية فقط بل اضيفت جزئية اخرى كسرت حاجز التقييد التصنيفي للكائنات عنده , فاعتدنا ان نرى شريحة من البشر يعيشون منفردين منعزلين عن الهيكل الاجتماعي الموجودين فيه , حيث  ان  هذه الطفرة الأنثروبولوجيه كسرت حاجز السلسلة البيولوجية التي تحكم  كل كائن في الارض  , فلن نرى يوماً  ظبياً يقرر الانعزال عن مجموعته كونها تحمل فكرة ايديولوجية عن الضباع  التي تطاردها معتقداً انهم باستطاعتهم مواجهتها ! , هكذا تتضح صورة العمق السيسيولوجي و الطفرة الكبرى التي خلقها الانسان و التي جعلته يسود هذه الارض  سواء كانوا كائنات  مجتمعية ام مجرد افراد خرجوا على مجموعتهم , و كون ان البحث لا يتسع للإسهاب عن قضية كسر الطبيعة الاجتماعية نكتفي بالكلمات التي اعطت لكم حدود الفكرة الأنثروبولوجيه في مسالة الانسان ككائن لا اجتماعي.

و في السياق فان الكائنات المجتمعية تتشارك جميعها في بعض المميزات حيث  كلها تصب في مصلحة واحدة و هي بقاء كل فرد منهم احياءً اطول فترة ممكنة , و ان احد هذه  المميزات هو الغاء الكيان الفردي و تحويله الى كيان اجتماعي تام لا يمتثل لخيار او يقرر قرار الا و الجماعة التي ينتمي اليها مدركة له و تساويه فيه و تحدد تحقيقه من عدمه , حينها لن تمتلك صور متعددة للنوع نفسه بل صورة مكررة لا يختلف حينها الكائن في داخل المجموعة عن غيره بشيء , بل ان ثمن هذا التغيير سيدفعه فاعله على الاغلب وحده سواء كان التغيير بيولوجياً او سيكولوجياً . و بالرغم ان الانسان يتشارك مع نظائره التي تحمل الخاصية الاجتماعية نفس هذه المميزات , الا انه يضيف عليها خاصية و هي ان الافراد المتساوين جميعاً يحكمهم دوماً فرد او مجموعة افراد هم  من  يحددون شكل وتركيبة هذه المجموعة , و هذا ما سيصنع الاختلاف في مجموعة بشرية ما و الذي قد يكون جذرياً احياناً من مجموعة بشرية  الى اخرى حين يفرض عليهم تقسيمات يصنعها حاكمين المجموعة , و بالرغم اننا نتفق ان الجمع في اصل مبدأه يفرض ان تكون اختلافات افراده محدودة و منصبة نسبياً على الصفات البيولوجية و المعرفية , الا ان الصفتين الاخيرتين حين تلغيان في مجموعة ما فلا نستغرب ان كل فرد في هذه المجموعة لا يميزه عن اقرانه  سوى بصمات الاصابع و الشكل  الخارجي  , بل ان مثل هكذا منظومة قد اصبحت و تحولت على مر التاريخ الى سلاح يضمن عجز العدو على مواجهتك كما فعل الالمان مع اليهود حين الغوا اسماء السجناء و حددوا لكل واحد منهم رقم يمثله و هو وحده ما يميزه عن اقرانه في السجن , و هذا ما يوضح ان الغاء الكيان الفردي لصنع كيان اجتماعي موحد يودي باهله الى التهلكة و الفناء سواء فرض عليهم ام تقبلوه  في ذواتهم.

لم تتشكل ماهية القيود المجتمعية المستحدثة منذ بدء الحضارة بشكل ظاهري بل كانت ميتافيزيقية ذات حجاب يفصلها  عن الوعي الكامن للأفراد لأجل ديمومتها , فاطلق بني البشر عليها  بعدها اسماء متعددة مثل العادات , التقاليد , الشعائر ,  الطقوس , اعياد , مناسبات , وغيرها من الممارسات التي قد تكون عبارة عن فعاليات مجتمعية تمثل دستوراً لها و شكلاً تنظيمياً للجماعة حيث يمثل كسرها كفراً به و بفاعليه و حامليه . هكذا يصبح الامر واضحاً بان الميزة الاساسية و الجوهرية التي فصلت الانسان عن مملكة الحيوان هو وضع فعاليات مركبة ذات اتجاهات و علل هي اكبر من ان تكون لأجل وظائفه الحيوية او لأجل بقاءه حياً , و ان هذه الفعاليات قد تم تطويرها كي تصبح فيما بعد سلاحاً او منهجاً او كينونة بمجرد الغائها عن افراد مجموعة ما فقد تم الغاء وجودهم  بشكل تام حتى و  ان  كانوا  احياءً يرزقون .

و قد لا نحتاج حالياً لتقسيم هذه الفعاليات الى اقسامها الرئيسية (فعاليات دينية و ثقافية و فكرية سياسية) كونها تحمل نفس المحرك و الدافع الذي يبقيها دينامية في جوهر كل مجموعة , الا اننا نحتاج ان نعرف ما هي الوسيلة الاساسية لصنع او السيطرة على هذه الفعاليات لكي لا تخرج عن اصلها الاساسي في الادلجة و التسلط , و ان هذا الاس الجوهري  حقيقة هو العامل النفسي لدى كل فرد في الجماعة , اي ما تضيفه هذه الممارسة في داخل الفرد ان مارسها او لم  يمارسها سواء على الصعيد الذاتي او المجتمعي , ففكرة الثواب و العقاب هي ما تسيطر على كل فعالية دينية و فكرة العدل و الظلم هي ما تسيطر على كل فكرة ثقافية و فكرة الحرية و العبودية هي ما تسيطر على كل فكرة سياسية او فكرية , و غيرها من المقاييس ثناية الحد التي  تحكم بشكل  سيكولوجي كل فرد في المجتمع  , فمن الصعب ان تجد شخصاً يسمع الاغاني يوم السابع من محرم او يصلي امام  الملأ في احد شوارع اوروبا او يأكل اللحم قرب معبد هندوسي او ينادي بفشل دوستويفسكي الفكري امام تمثاله في روسيا …الخ.

بعد اثبات حتمية وجود مثل هذه  الممارسات الدورية في تاريخ البشرية وجب علينا توضيح متى تكون دينامية متحجرة و متى تكون عكس ذلك , و في هذه المسالة شأن واضح بمدى العمق  السيكولوجي الذي تمتلكه هذه  الممارسات في  عقول فاعليها , فارتداء التنورة الاسكتلندية في ثقافة الغرب هي ممارسة توازي ارتداء الزي العربي  في ثقافة الشرق , الا ان الفرق هو لاشرعية بعض القيود التي تفتعل لأجل دينامية الثاني من شروط قسرية على افرادها او المحاسبات اللاعقلانية على من يعترض عليها ان وجد, فلن ترى يوماً اسكتلنديين يجتمعون ضد شخص بالغاً كان او قاصر يعترض على هذا الملبس كونه يراه سخيفاً او مبتذلاً. هكذا يتضح ان العامل السيكولوجي هو الدعامة الاساسية لتكوين شرعية او لاشرعية اي ممارسة جماعية متكررة , و ان لاشرعية الممارسات تبدأ من القيود الموضوعة على فعلها او تغييرها ايضاً وليس لامشروعية الممارسة بذاتها , لأننا نقف جميعاً ضد قتل الدلافين والحيتان في المهرجان التقليدي المعروف بـ”جريندادارب” سنويا منذ عام 1584، والذي يقوم فيه الصيادون بنحر الحيتان والدلافين في جزر الفارو الدنماركية , لذلك بات واضحاً الفرق بين الممارسات اللاشرعية و الآداب اللاشرعية في الممارسات العادية مهما كانت.

و قد نختلف في تحديد ما هي اهم او اسوء قيد لاشرعي يتم استخدامه في الممارسات , الا اننا و بلا شك لا نختلف في ان الدوغمائية القسرية و التسلط التام على المجتمع هو ما سيصنع من هذه الممارسات نصوصاً لاشرعية يتم تطبيقها قسرياً على افرادها , و ان المجتمع الحديث هو اكبر دليل على ذلك كونه كيان خالي من الممارسات الروحية و منصب بشكل كامل على الممارسات المادية و التي تهدف لها الحكومات العالمية كما يصفها اودين في قصيدته “المواطن المجهول” و التي تتحدث عن مواطن قد حصل على نصب رغم  انه حي لأجل تفانيه بتطبيق كل ما طلبته و فرضته حكومته الحديثة , و سأرفق لكم منها نصاً لها و ترجمة بسيطة  مني لها للتوضيح اكثر :

He was fully sensible to the advantages of the Installment Plan
And had everything necessary to the Modern Man,
A phonograph, a radio, a car and a frigidaire.
Our researchers into Public Opinion are content
That he held the proper opinions for the time of year;

 

ومزايا التقسيط المريح جعله كامل الارادة

بان يملك كل ما يحتاجه انسان الحداثة

من هاتف وراديو , سيارة و ثلاجة

وكان مرضياً عليه من باحثي الراي العام

لأنه حمل اراءً لائمت هذا العام

 

تبين قصيدة اودين و خصوصاً هذا النص صنمية الممارسات الحياتية لدى كل فرد في القرن العشرين , و هذا ما يضفي على فكرة ان اهم ميزة لاشرعية لأي ممارسة تكون حين تغطى بجدار ايديولوجي دوغمائي يصنع من فاعليه ارقاماً ليس  الا , و ان هذه الارقام ستفعل المستحيل لأجل بقاءها تحت اسوار هذا التقييد .

ان الصفة اللاشرعية الثانية التي تلي التحجر الدوغمائي هو ما نسميه القيمة المعطاة و القيمة المقابلة في هذه الممارسة , اي ما الذي سيخسره الافراد و المجتمع و العالم و ما الذي سيحصلون عليه عند فعلها ضمن الاطر المجتمعية و الثقافية بل و حتى البيئية , فان سباق الثيران  السنوي في اسبانيا حيث يتمثل بأطلاق ثيران في الشارع متجهين نحو اناس يرتدون ملابس ذات لون احمر او ابيض لجذب هذه  الثيران  و رغم الاصابات السنوية الذي يحدثه هذا السباق الا ان الاسبان يستمتعون فيه و لرؤية اناس تهشم اضلعهم و جماجمهم الثيران و هي راكضة . بهذا يتبين ان القيمة المقابلة لأي ممارسة هي  العامل الثاني  بعد  القسرية لإضفاء الشرعية  و اللاشرعية على ممارسة معينة , فان استبدلنا الثيران بالدجاج او القطط او اي كائن لا يؤذيهم او حتى جعله سباقً بدون الحاجة لجعل حيوان يركض ورائهم لن يفرق من جعله ممارسة مجتمعية ذات فائدة سيكولوجية سوى الارقام البشرية التي لن نخسرها .

 ان الصفة الثالثة التي قد تضفي بعض الجوانب اللامشروعة في نظم الجماعة هي ثنائية التجديد و التراكمية اللامشروعة , فما نقصده بالتجديد هو وجود مرونة مجتمعية لتغيير او تطوير ممارسة ما عنده للأفضل بدون منعه بسبب العمر الزمني له او عمقه القدسي او المفهوم المزروع في عقول حامليه عن ماذا سيحدث ان سعوا لتغييره , و اما فكرة التراكمية اللامشروعة فهي عكس الاولى حيث  تمثل جزئية لامشروعة في ممارسة  ما حيث لا يتجه فيها حامليها  للتخلص منها بل لزيادتها بجزئيات تشابهها مما سيزيد من صعوبة تخلص افرادها من الصفات اللامشروعة في هذه الممارسة . فلن تعتبر مقارنة شمولية منا ان قمنا بمقارنة فكرة عمل السوشي و التقليد الياباني بانه من شبه المستحيل ان تقوم امرأة بعمله و هذه عادات و تقاليد يابانية قديمة مع فكرة المشاة الى كربلاء (المشاية) , لكننا لعدم اللبس نقوم بالمقارنة هنا على فكرة ثنائية التجديد و التراكمية اللامشروعة فقط , فعن السوشي فان بالرغم من عمر هذا الاعتقاد و شبه اختفاء المرأة من ساحة عمل السوشي في اليابان لدرجة ان هناك محللين مثل موراكامي قالوا “هناك صعوبة بالنسبة إلى الزبائن، خصوصا الكبار في السن، في تقبل وجود امرأة وراء المنضدة” , الا ان هذا القيد لم يكن بتلك التعصبية لدى المجتمع الياباني حيث ان هناك نساء في الاجيال هذه قد كسرت هذا التقليد العتيق و بات هناك نساء كثر تتزايد نسبهم يوماً بعد يوم في اليابان , و ما يزيد من ذلك تأكيداً ان  المجتمع الياباني لم يواجه هذا التغير بتطرفية او حتمية في القضاء عليه بل يحصل على تقبل متزايد , و ان حدث يوماً العكس منه فان التكيف الاجتماعي بقبول التجديد في الممارسة سيتغلب على فكرة التقيد المراد من الشريحة المواجهة لهذا التجديد . ما يقابله من ممارسة و ان كانت دينية فأنها لا تختلف عنها في المضمون الروحي لكنها تختلف معها في قضية التراكمية اللامشروعة , فان فكرة المشاة الى كربلاء تحمل في مضمونها ابعاد كثيرة لا تقل ايجابية عن اي ممارسة مجتمعية اخرى على الصعيد الديني و الثقافي و الفكري, الا ان اصحابها فاقدين لمعنى التجديد و حاملين لخاصية التراكمية اللامشروعة حيث اضيفت لهذه الممارسة العديد من الجزئيات مثل  التطيين و الزحف و المشي على الجمر بل حتى قد نرى مشاة بشكل عكسي في السنين القادمة ان بقي الوضع هكذا, و هذا  ما سيصنع  من هذه الممارسات الغير مشروعة صورة  نمطية عن الالية المتبعة لدى حاملين فكرة هذه الممارسة و مدى النضج العقلي و الادراك الواعي لفكرة الممارسة , و التي ما  يميزها من الاساس ليس تطرف فعلها بتغيير صوره بل لشموليته الجوهرية حيث ترى من يختلف بالمذهب و حتى بالدين يشاركهم هذه الممارسة . بذلك يتوضح عند القارئ ان ثنائية  التجديد و التراكمية  اللامشروعة  تحدد بناءَ على مدى تقبل المجتمع للتجديد و ادراكه الفرق بين الاخير و بين التراكمية اللامشروعة حين  يضفون اي  جزئية  غير مشروعة في ممارسة ما .

بعد  توضيح الصفات المهمة التي تضفي على الممارسات جزيئات لامشروعة وجب  ان  نوضح في النهاية ان الجزئيات قد لا تكون كافية لإضفاء اللامشروعية على تلك الممارسات بل من الممكن ان تكون اسباب و دوافع الممارسات بحد ذاتها هي ما تصنع من كونها ممارسة تحمل ابعاد غير مشروعة , و تختلف حدة هذه المسالة من ممارسة الى اخرى تبعاً لمدى حدة الاسباب و الدوافع و شكل الممارسة ايضاً . فان اطلعنا على مهرجان التراشق بالطماطم او مثل ما يسميه الاسبان “لا توماتينا” و حاولنا مقارنته مع مهرجان الالوان او مثل ما يسميه الهنود “هولي فاغوا” فسنكتشف ان المهرجانين يحملان ابعاداً ثقافية و اجتماعية لدى الجماعتين , الا ان الاولى تقوم بصرف 130 طناً تقريباً من الطماطم كما اعطتها بعض الصحف مثل DW و غيرها , و ان الثانية لا تمثل من خسارة  الهنود اي شيء سوى بعض الالوان الزهيدة السعر و التكلفة و الخسارة المادية الفردية و المجتمعية فقط . اقول بان الفقر الموجود في الهند البالغ 29% من عدد سكان الهند لن يغيره توقف مهرجان هولي فاغوا ان افترضنا جدلاً تحويل ما يتم صرفه في هذا المهرجان الى طاقات لأجل الطبقة  الفقيرة هناك , لكننا لا نعتقد و لو  بأبسط الوسائل و اكثرها  بدائية ان قيمة 130 طناً  من الطماطم لو توزعت كمادة ام مبلغ على الطبقة الفقيرة الاسبانية البالغة 26% من عدد سكان اسبانيا بالتساوي لما اعترضوا ان يقضوا سنة كاملة يأكلون الطماطم بدل ان يرون غيرهم يتراشقون بها في مهرجان ! و هذا ما نعنيه بقيمة الممارسة المجتمعية حيث ان وجودها لا يمثل اي تأثير على افرادها بمختلف مستوياتهم المعيشية و الفكرية و النفسية , و ان الممارسات التي تعلو قيمتها قيمة  الانسان لا خير فيها و هذا ما يجعلنا ننادي بان بدل ان يتم  التراشق  بالطماطم يتم توزيعها كنوع من الاحتفال ايضاً كما ننادي في بلدنا ان يتم تغيير  فكرة الطبخ المجاني لمدة 50 يوماً المتمثلة في الشهرين الاولين من كل سنة هجرية في  العراق و تحويل هذه المبالغ المصروفة و ان  يكن  جزءاً منها الى حصص غذائية داعمة للطبقات المسحوقة في المجتمع , حيث ان الممارسة لن تتغير و تبقى محافظة على جزئياتها الشرعية لكن تغير و تجدد صورتها للأفضل .

خلاصة المقال و غرضه هو  ان الانسان الان يعيش في لحظة  تاريخية لا تستطيع اي  جماعة بشرية فيه ان تحول دون ممارسات ظاهرية الفعل ميتافيزيقية الاهداف و ان اعلن المجتمع كسر جميع قيوده , فما يحدث في المانيا خير دليل خصوصاً بعد ان رفع الالمان شعاراً “كل شيء مباح”  حيث راينا كيف ان الالمان تقبلوا فكرة التعري في الاماكن العامة و ان مثل هكذا فعل اصبح عادياً لدى الالمان و الذي يوازيه مهرجان تعرية الصدر الذي ينادي  لفكرة حق المرأة بتعرية صدرها كالرجل , لذا فان الانسان الحديث لا ينفك من حصوله على ممارسات مجتمعية سواء كانت  تحمل جزئيات مشروعة او غير مشروعة. اضافة الى ذلك فان النظم المجتمعية مهما اختلفت في اشكالها و شكل ممارساتها  فأنها يجب ان توضع ضمن اطار منطقي يمثل التجاوز  عنه استحكاماً و ايديولوجية في نفس هذا المجتمع , و ان من حق اي مجتمع الحفاظ على سلوكياته الذاتية بشرط ان لا تكون شمولية مفروضة على افرادها و متعصبة او محاربة لنظم مجتمعية اخرى. ان الخاصية التوالدية و التجديدية في نهج اي منظومة مجتمعية يجب ان تكون  راسخة عند افرادها لكي لا يحصل التحجر التطبيقي و الادلجة لأجل فعالية مجتمعية ما , حيث ان هذه الخواص في نهج اي منظومة مجتمعية ستضمن رسوخ التقبل  و التغير و التجديد في  الممارسة و جزئياتها  عند افرادها لكي لا يحصل التحجر التطبيقي و الادلجة لأجل تلك الفعاليات. و بذلك نختم بالقول باننا نؤكد حقيقة ان اغلب الفعاليات اللامشروعة من الممكن ان تكون مشروعة ان حصلت على الاسس الشرعية (اللاشمولية, غير قاتلة , تقبل التعددية, لا قسرية) , فمن غير المقبول  الاعتراض على صلاة الجماعة الحاصلة في شوارع اسطنبول العامة الا لو حدثت امام مستشفى او مدرسة , و ان جسر الفنون في باريس حين ملأ نهر السين بالمفاتيح بسبب الاقفال التي يضعها العشاق هناك و التي قد يتسبب تحلل مفاتيحها مشكلة بيئية تؤثر على الاسماك لو لم يكن هناك حل جذري لها و هو اخراجه كل فترة زمنية محددة لكان خيراً لكل العالم توقف هذه الممارسة و ان كانت تحمل ابعاداً نفسية و رومانسية لزائريه , و هذا ابلغ و ابسط توضيح لفكرة المشروع و غير المشروع في نظم الجماعة .

شاهد أيضاً

التطور التكنولوجي وتاثيره على المجتمع

كتبت / ايمان علي حسين ـ مصر  شهد العالم خلال العقود الاخيرة تطور تكنولوجي هائل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.