الرئيسية / أخبار عربية عالمية / نقد أدبي لرواية عودة لوليتا للروائي عبد الغني ملوك أخر رواية تم نشرها 

نقد أدبي لرواية عودة لوليتا للروائي عبد الغني ملوك أخر رواية تم نشرها 

إعداد : د. سحر جورج عطية 

رواية لوليتا تمتلك خصوصية تتجلى في المنهج و الأدوات و المفردات و طرق التحليل إلى جانب الدلالات و الرؤيا التي تصور مراحل زمنية تمثل عمر شخصية البطل و النتائج و الخبرات الي توصل إليها , و التي تمثل أمراً يعد ظاهرة اجتماعية نادرة و هي علاقة رجل مسن بفتاة صغيرة .
– البنية الفنية للرواية :
الزمان : كانت عبارة ( أمضيت زهرة عمري و شبابي و قد صرت كهلاً بائساً ) كفيلة بتحديد المرحلة الزمنية الممتدة على طول حياة البطل ( ناصر) الذي غادر سورية لدراسة الطب لكنه تبع هوايته و درس الرسم بتشجيع من معلمة الرسم نايا التي أحبها وهو طالب وهي تكبره بثماني سنوات مشيراً بذلك إلى عقدة أوديب. وقد برز دوافع شخصية لذلك السلطة الأبوية من جهة و خنوع الأم من جهة أخرى . ربما كان من الأفضل أن يترك الروائي محاولات تبرير الدوافع للقارئ من أجل إعمال العقل و زيادة عنصر التشويق.
أجاد الروائي لعبة الزمان ما بين الصبا و الكهولة و الفترة الواقعة بينهما إذا كان ينقلنا من مرحلة إلى أخرى مستخدماً تقنية الاسترجاع ثم العودة إلى زمن السرد دون أن نشعر بانفصال عن زمن القراءة و أبدع بالتلاعب في الزمن من خلال عودة لوليتا المتكررة في الرواية فهي تمثل الفتاة ذات الستة عشر عاماً وقع في حبها الرسام الإيطالي المسن و أحبها ناصر الرسام السوري من بعده ثم يعود إلى سورية لتكرار لوليتا بهيئة عربية .
–  المكان :
تنوعت أماكن الرواية وقد بدأت من مطار دمشق الدولي و هو عائد من روما إلى سورية . و أخذنا في رحلة إلى الأماكن التي زارها في إيطاليا ثم المرسم في سورية و أماكن الريف و المدينة , واختلاف طبيعة العلاقات بينهما.
الشخصيات :
رسم الروائي شخصياته بريشة للفنان المبدع وقد تعرفنا منذ الصفحات الأولى بشخصية البطل المتذبذبة وشخصية الأب الدكتاتوري والأم الخانعة.
وتبدى من خلال الرواية ثقافة الكاتب الواسعة في مجال علم النفس أكد الكاتب على دور المرأة الايجابي في المجتمع فهي الملهمة في الفن ولولاها لما نجح رسامو الرواية في فنّهم .
وجعل الكاتب من المرأة معادلاً موضوعياً للوطن فعد خيانة البطل للوطن عندما سافر وتركه تعادل خيانة نادية له عندما تزوجت وتركته .
– المنهج :
تلونت الرواية بوضوح و منهج نفسي القائم على التحليل الفرويدي و مثال ذلك تسليط الضوء على عقدة أوديب .
بالإضافة إلى المنهج الاجتماعي الذي يكشف جوانب مهمة في المجتمع كعلاقات المصلحة و التلون و الحب و الخيانة و المادة و أثرها في العلاقات .
كذلك أشار إلى الجانب الصوفي الفلسفي الذي يعد ستاراً تنخفي خلفه المصالح . و قد أشار الكاتب إلى هذه الناحية من باب كشف الأقنعة عن بعض العلاقات الاجتماعية المزيفة بين الأقارب و قد نجح في ذلك ليكون ليس روائي فحسب بل المرشد الموجه .
بدا عنصر التشويق منذ البداية فلم يذكر الروائي اسم لوليتا و هي عنوان الرواية حتى الصفحة الرابعة حتى يظن القارئ للوهلة الأولى أن البطلة هي ناديا كانت ذروة الرواية لما وصلت نوبة الغيرة الجنونية بالبطل ناصر إلى فعل ارتكاب الجريمة و الانتحار ثم إنقاذ لوليتا له و كانت الصدمة عندما علم إنها لم تنقذه بدافع الحب إنما بدافع حبها للحياة اما النتيجة المنطقية و المتوقعة في نهاية الرواية هي فشل هذه العلاقة و عدم استمرارها فهذا النوع من العلاقات لا يلقى القبول المجتمعي .
– اللغة :
يستطيع القارئ من خلال اللغة البسيطة القريبة من الحياة اليومية أن يستقرئ دواخل الشخصيات و ظروفها الخارجية التي أدت إلى تعدد الحوادث و بالتالي تعدد القراءات فالمجال مفتوح أمام القراء ليتنبأ كل منهم بسيرورة الأحداث و نهاية الرواية حسب ثقافته و مزاجه و عمره. فكل واحد منهم زاوية نظر خاصة به . نوع الروائي في الحوار ( الخارجي .. الذاتي ..النجوى) وساهم الحوار في تنامي الأحداث و تسارعها .
و ظهرت شخصية الكاتب من خلال حوار ناصر مع لوليتا حول علاقتها بسمير ..
و قد اتخذ الحوار طابع التحقيق و ربما يعود ذلك لطبيعة عمل الكاتب في المحاماة .
النهاية كانت سريعة خاطفة تجلى فيها عنصر المفاجأة وهي صدمة البطل بزواج لوليتا من سمير .
خاتمة رواية اجتماعية سلطت الضوء على قضايا تهم المجتمع ، و العلاقات القائمة فيه إذ تتربع العلاقات النفعية في قمة الهرم و تليها علاقات الحب التي لا قانون لها . و ذلك بأسلوب فني محكم مشوق ..
بدرجة إنني أنهيت الرواية بالليلة واحدة . تحياتي للأستاذ عبد الغني ملوك . و أمل أن أكون قد وفقت في دراستي المتواضعة لرواية عودة لوليتا .

شاهد أيضاً

بقلم: المستشار د. فاتن بدر السادة ـ  قطر  كنوز مبدعة تحقيق التميز في خدمة العملاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.