الرئيسية / الثقافية / قراءة في رواية الكومبارس للكاتب الدكتور حيدر الاسدي

قراءة في رواية الكومبارس للكاتب الدكتور حيدر الاسدي

كتب : جمال عابد فتاح ـ العراق

استمتعت كثيرا برواية الكومبارس للدكتور الاكاديمي الاستاذ حيدر الاسدي فانا متذوق لقراءة الروايات والقصص والاشعار ولكني لست بكاتب او شاعر ولابد لي من ابداء راي المتواضع والبسيط لهذه الرواية الجميلة .

هذه الرواية المطبوعة في مطابع دار الادب البصري ( الطبعة الاولى ) سنة 2019 والتي اهداها الدكتور حيدر الاسدي الى طلبته في قسم التربية الفنية بكلية الفنون الجميلة / المرحلة الثالثة للعام الدراسي 2018 -2019 , والرواية تتكون من 8 فصول وبــ 108 صفحة من القطع المتوسط ,وهي تتحدث عن الناس المهمشين والقاع وتكشف عبر سردها عن الظروف التي يقاسيها هذا القاع والذي شبهه الدكتور حيدر الاسدي بالكومبارس في هذا العالم الفوضوي وبعض الظروف التي تسحق ممن لم تسنح لهم الظروف لمقارعة تلك الحياة اليومية القاسية وتعقيداتها ,فالرواية تتكلم عن عوالم مختلفة يختلط فيها الكثير من الامور اليومية الواقعية بالأمور الرمزية وهي تحكي قصة هم الانسان الذي اصبح مهمشا في بلدنا وما يتعرض له من مواقف صعبة لغرض اثبات وجوده وعيشه الكريم وهي ماخوذه من واقعنا الذي نعيشه .

وهي تشدك من الغلاف الى الغلاف لتعرف نهايتها المحزنة .وببساطة هي قصة شخص اسمه ((صائب ))  والذي يتذكر وصية جده له قبل مماته حيث يقول له ( يا بني اعلم من ليس له ظهر قوي يسنده في هذه الدنيا سيتهاوي عليه سوادها وتكسر شراعه ليرتمي في احد الشوارع الفارغة او المقابر المظلمة ) وبسبب فقر (صائب ) صار رجل شوارع وكان كل تفكيره ان يدور حول كيف يحصل على المال ليكون رجلا محترما , فيترك بيته ويهاجر الى المدينة الصاخبة , هي قصة بسيطة ولكن اسلوب سرد الدكتور حيدر تجعلك تقرأها  بإمعان لتصل الى النهاية , وبعد جهد ومعاناة  صائب يسكن في بيت ( الست امال ) وهو بيت دعارة وهوى وبعد ان تعرف عليها اكثر عرف منها انها كانت تعمل عاملة نظافة في احدى الجامعات وكانت تسرق كتب الطلبة لتقرأها , وقد سجنت بمحض ارادتها بعد ان حصلت على شهادة جامعية  , وبعدها يتعرف على بنت في بيت الست امال وكانت تعمل بائعة هوى وقد قالت له انها اتجهت الى هذه المهنة لإطعام الصبية والمساكين ,ثم توطدت علاقه بالست امال فتساله : انت بلا عمل , فيجب بنعم فتقول له انها وجدت له عملا في احد المدارس لأنها قد كلمت مسؤولا ليكي يشغله في تلك المدرسة ويذهب الى المدرسة ويبدا عمله ( معلم رسم ) فيها بعد ان اخبره مدير المدرسة انها لا توجد غيرها فيوافق بمحض ارادته ويطلب من طلابه رسم  الموت , يرسم الطلاب الموت كل على مخيلته وهواه ,ثم تخبره الست امال بان له مكافاة عند مدير المدرسة لأنه سوف يفصل منها بسبب عدم موافقة التربية على تعينه في المدرسة ,فيقرر مغادرة البيت وتتوسل به الست امال ان لا يفعل ذلك فيطلب منها بعض الوقت للتفكير ويخرج من البيت ويسير في الشوارع ويلاقي في طريقه مجنونان ويتكلم معهما ويستدل من كلامهما بانهما ليسا مجنونان .

ثم تعطيه الست امال ورقة ليذهب الى مكان جديد يشتغل فيه وبعد جهد كبير يصل الى المكان ويجد ان عمله هو ان يشتغل في مقبرة بحيث ينام ويأكل فيها ,ولكن العمل لم يعجبه فينتقل الى عمل اخر وايضا بواسطة الست امال , ليعمل في مصحة نفسية ,وبعد اختلاطه بالمجانين وحديثه معهم يوقن بانهم ليسوا مجانين ,فيذهب الى صاحب المصحة ويخبره بذلك , مما يثير غضبه ويقول له : انت قد وشيت بنا فيضطر صاحب العمل ان يترك عمله بناءا على التقارير التي وصلت عنه ومعتقدا كل الاعتقاد بان (صائب ) هو الذي وشي به , وبعدها يترك العمل ويذهب الى موقف الساحة ويجلس على الاريكة المعدة لاستراحة الركاب فيقع نظره على فتاة بوجه ابيض ورقي متناهي بالسمرة ولم يكن يظهر عليها بانها من فتيات الهوى وهز الارداف والاكتاف ,وكانت في السوق تبحث عن فرشاة رسم وفريمات وبعض الالوان الزيتيه , وحينما جهزت متاعها تقابلت حواسهما معا ولم ينبسوا بكلمة واحدة , فسالته : انت لماذا تلاحقني كظلي , وبدا بينهما حديث هو يحاول الابتعاد عن الاجابة على اسئلتها , وهي تحاول ان تعرف عنه الكثير ,ثم انها عادت الى مكانها في بناية القسم الداخلي وقد اوصلها بنفسه ,ثم قال لها : بانه سوف يزورها ويتعرف عليها اكثر ,وفي اليوم الثاني اصطحبها الى السوق بعد ان اقنعها بانه يحب الرسم ,وفي الشوارع واسواق المدينة مثل سوق البنات الذي يزدهر بعرض الملابس الداخلية النسائية دون أي خوف او حياء , وقد دخلا بعدها الى كافتيريا في الطريق ليشربا كاسين من الليمون , وهنا سالته : من انت ؟ فشرح لها قصته بالكامل منذ ان هجر قريته الى الان ,وسألها عن اسمها فقلت له ان اسمها ( سماح )وبعدها اوصلها الى القسم الداخلي ومضا كل منهما الى طريقه ,وبعد شهر تقريبا قرر ان بذهب اليها في القسم الداخلي وعندما علمت بوجوده اتجهت اليه فشرح لها مرة ثانية قصته وانه يبحث عن عمل , فما كان منها الا ان تدله على عمل في احد مراب السيارات ليكون له ايضا مكانا للسكن وقد رضى بالعمل بالرغم من قذارة المكان وتسلط صاحب المراب وخشونة تعامله معه ,وعندما وجد صائب بعض الامور الغير مرضيه بالمراب اخبر صائب صاحب المراب بها فما كان من صاحب المراب الا ان يوبخه , بعدها تكررت الزيارات بين صائب وسماح وتبدا اواصر الحب بينهما فكان ينام عندها مرة في القسم الداخلي ومرة هي تنام معه في المراب , الى ان يتم فصلها من القسم الداخلي حيث يقول لها صاحب العمل : ان هذا ليس شقة مفروشه فانت اليوم مفصولة من عملك ,وهكذا تبدا الحياة بين صائب وسماح وتتوالى المصاعب عليهما ولكنهما يستمران بالعلاقة الى ان تحمل سماح  من صائب وتنتفخ بطنها فيضطرا للذهاب الى المستشفى وفي الانتظار يأتون الى صائب ويقولون له ان سماح تحتاج الى عملية قيصرية ووضعها حرج وتحتاج الى دم , فيتبرع لها بدمه وتنجب سماح بنت جميلة اسماه (سراب ),ثم ياتي الدكتور الى صائب ويقول له : انت تبرعت بالدم الى زوجتك سماح , فيجيبه بنعم ,فيقول له الطبيب انك مصاب بسرطان الدم وقد انتقل السرطان الى سماح ,وعند خروجهما من المستشفى وبسبب وضعهما المعاشي القاسي تضطر سماح ان تودع ابنتها سراب عند احدى صديقاتها التي كانت زميلة لها في الدراسة لتعتني بها بالرغم من وجود ( جدة ) هذه الصديقة وتدخلها بكل شيء ,وتدور الايام الصعبة بينهما فتلقي سماح نفسها بأحد الانهر الاسنة لتنهي حياتها البائسة , وبعدها بخمس سنوات تقوم صاحبت سماح بإيداع سراب الى احد دور الايتام , وبذات سراب تكبر وعندما اشتد عودها وقوة نعومة اظافرها غادرت الملجأ بقطار استقلته واخذت ثمن التذكر بمبلغ اقترضته من باع صحف جوال ,ثم انتقلت الى بيت تسكنه , وعندما بلغت النضوج وكانت ملابسها تظهر مفاتنها واجزاء من جسمها الطري , قادها الدهر الى بيت الست امال لتمارس الزنى عندها لتسد لقمة العيش .

شاهد أيضاً

 فلسطين الغالية

شعر : منى فتحي حامد ـ مصر عشقكِ بالقلب يا فلسطين يا قيثارة الخيال و …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.