الرئيسية / الثقافية / كوميديا (ولاية بطيخ) كوميديا هادفة تعيد لهذا الفن احترامه ورونقه

كوميديا (ولاية بطيخ) كوميديا هادفة تعيد لهذا الفن احترامه ورونقه

كتب : حيدر الاسدي ـ العراق 
     ناقد واكاديمي

يطل علينا الفنان الجميل (علي فاضل) بالموسم السادس من برنامجه الكوميدي الهادف (ولاية بطيخ) ويتضح من الحلقات الاولى لهذا البرنامج التجديدات التي احدثها هذا الفنان في بعض مفصليات الموسم من اجل محاولة التجديد والخروج عن النمطية والقوالب المتعارف عليها بالكوميديا ، ابتداء بطريقة التقديم وحتى اساليب الحوارات والمفردات بين شخوص هذه الكوميديا ، وبالعودة الى اصل الكوميديا فيعرفها المشتغلين بالفن على انها ((محاكاة نقائص الأفراد في مجتمعهم محاكاة تحقق عنصر الفكاهة بقصد طرح تلك النقائص أمام أعين النظارة كي يسخروا منها ويضحكوا ملء أشداقهم علي المتردين فيها، وغاية هذه المحاكاة معالجة مشاكل المجموع التي أصبحت كداء استشري أو كوباء استفحل أمره، وصار لزاما التصدي له . و الشخرية غايتها التغيير ( و هو مرادف التطهير بالتراجيديا ) من خلال المجموع، لأن السخرية هي أولي مراتب الشعور بالغثيان نحو تصرف غير ملائم، تماما كما يعتبر السخط أولي مراحل الثورة، ومثلما يؤدي السخط بمرور الوقت إلي الثورة علي الظلم والاستعباد، كذلك السخرية تؤدي علي المدي الطويل إلي استهجان النقائص ونبذها)) وقد نشأت الكوميديا في صقلية اذ منحها إبيخارموس أول أشكالها الفنية بعدها انتقلت إلى أثينا اذ ازدهرت وتطورت ووصلت أوج كمالها علي يد أريستوفانيس، ولكن في وطننا العربي وفي عصرنا الحالي تم التركيز على الكوميديا في المسرح والسينما ولم تظهر برامج الكوميديا الا في السنوات الاخيرة ، ورغم هذا وفي ظل الصور المأساوية والحروب التي خيمت ظلالها على الحياة في الوطن برزت الكوميديا بشكلها الاسفافي والاستسهال والقائم على الضحك على قصار القامة والبدناء وادخال الرقص والاستعراضية الفجة ، وبقيت هذه الكوميديا مسيطرة على الشاشة والمسرح لسنوات طويلة وبخاصة في السنوات الاربعين الاخيرة ، ولم تبرز اعمالا مميزة الا قلة نادرة جدا بقيت بذاكرة المشاهد العربي والعراقي ، وبقيت هذه المشكلة التي تؤشر من الجميع ويستمر بها العديد من الفنانين لاسباب عدة منها ( العامل الاقتصادي للفنان) و(الجمهور عايز كده) وغيرها من الاسباب التي دعت الفنانين لتقديم فن تهريجي لا يمت للكوميديا الحقيقية بصلة ولا بفلسفتها وهنا انحط الذوق لادنى مرتابه، فالكوميديا ليست تهريج او ازدراء اخرين او التنمر على حالات ما ، بل هي هادفة وتسهم بتقدم الانسان من خلال ممارسة النقد البناء للعديد من المفاهيم والمنظومات الحياتية والمجتمعية وبالتالي الوقوف عليها وتشخيصها ، وهذا ما حاول ترسيخه الفنان والاعلامي المبدع (علي فاضل) هو ومجموعة منتخبة من الشباب ممن حاول توظيفهم بطريقته الخاصة ليجعل منهم نجوماً في سماء الكوميديا وفي قلوب جميع المشاهدين العراقيين ، ليقدم اسبوعياً مشاهد تلامس شغاف الناس وقلوبهم وبطريقة ادائية اكثر من رائعة جعلت العديد من الكاريكاتيرات محببة في الشارع العراقي و(لازمة) الفنانين مميزة ومرددة بين جميع فئات المجتمع العراقي بصراحة وبدون مجاملة ومن خلال متابعتي لكل الحلقات ولكل المواسم فان علي فاضل ومجموعته من المبدعين اعادوا للكوميديا هيبتها وكرامتها بعد ان فقدت على ايدي الفنانين الذين قدموا التهريج والرقص على خشبة المسرح ومن خلال التلفزيون بصورة (كوميديا) لذلك يستحق هو وفريقه الاشادة والدعم لانه يشخص العديد من السلبيات الاجتماعية والفكرية ويعمل على تقديمها بطريقة كوميديا لا تسيء للاخر بقدر ما تبعث رسائل مهمة تحرك الفكر والاحساس لدى المتلقي النبه ، تحية حب واحترام لفريقه المميز (غسان إسماعيل – أوس فاضل – أثير كشكول – أمير عبد الحسين – أمير أبو الهيل – وسام ضياء – ضرغام أسد – فكرت سالم – علي جبار – محمد اياد – محمد شكري – علاء الابراهيمي ) فكل مبدع من هؤلاء له ميزة خاص ولذلك هم (ثيم) مترابط وكلهم نجوماً في سماء الكوميديا الهادفة الساعية لبيان التناقض الذي يعيشه الانسان والمؤسسات في حياتنا هذه ، وبخاصة في هذا الموسم نجد تالق كبير من (حموشي) (فكرت) (كعكي) واستاذ تحرير الكوميديان المميز في المسرح والبرامج ، ودائما التميز والابداع لاموري وغسان واثير كشكول الذي يمتاز بتنوع الكاريكترات وكلها تلاقي صدى في الشارع العراقي وحتى العربي ، ووسام المميز بطريقته بتقديم الاداء الكوميدي وكامل مفيد ومحمد اياد وادائهم المبهر والمتقدم دائما ، فضلا عن الاخرين وبخاصة العناصر النسوية التي شاركت بالموسم الجديد ، هم مجموعة تستحق الاشادة لانهم يقدمون الابداع الكوميدي بكثير من الحب والاجتهاد والمثابرة لذلك هم لازالوا في صدارة الكوميدية الهادفة السنوات الاخيرة وحتى اللحظة.

شاهد أيضاً

سماء الطلبة المقبولين في الاعدادية المهنية لعلوم الرياضة بعد اجتيازهم الاختبار

الاضواء / د. فاروق عبدالزهرة    

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.