كتب : ضياء القريشي ـ واسط
إن ظاهرة الانحراف العقائدي ليست بجديدة، فقد بدأت منذ عصر الرسالة بظهور عدد من مدّعي النبوة. ثم تبعتهم حركات ودعوات منحرفة، أبرزها حركة الخوارج. وتوسّع هذا الأمر خلال حكم بني أمية وبني العباس، حيث ظهرت حركات تدعو للزندقة والإلحاد مثل المانوية، والمزدكية، والزرادشتية. وقد كان أهل البيت (عليهم السلام) أول من تصدّى لهذه الأفكار ودحضها بالدليل العقلي والنقلي.
واستمر ظهور هذه الأفكار حتى يومنا هذا، فنحن نسمع عن حركات مثل اليمانية، والمولوية، وأصحاب القضية، وجند السماء، والعلاهية، وغيرها. كما سمعنا عن من ادّعى النبوة في مدينة الناصرية.
في اعتقادي القاصر، إن أول أسباب ظهور هذه الحركات هو الفقر والفراغ. فالإنسان بطبعه يبحث عن الأمور الغيبية ويتطلع لمعرفة ما وراء الطبيعة. وأول من يتأثر بهذه الأفكار هم الشباب والمراهقون الذين يعانون من البطالة، ويقعون ضحية هذا الفكر الشاذ والمنحرف.
كما أن هذه الحركات لم تأتِ من فراغ، بل وراءها ما وراءها، والهدف واضح لكل ذي بصيرة وهو إبعاد الشباب عن دينهم وعقيدتهم الحقة. إن جميع الحركات المنحرفة تأتي بغطاء ديني، مما يجعل الحذر منها أمراً بالغ الأهمية.
من الطرق التي تستخدمها هذه الحركات لإبعاد الشباب، هي دفعهم للابتعاد عن محيطهم الديني، كالمساجد والصلوات والدروس الدينية والمراقد المقدسة، بحجة الخوف عليهم من الانحراف. وهنا يتحقق الهدف، ويصبح الأمر أشبه بمعالجة الداء بداء أسوأ منه.
الحقيقة أن تحصين أبنائنا من هذه العقائد الفاسدة يكمن في تقوية عقيدتهم، وربطهم بقرآنهم، وأئمتهم، ومراجعهم، وحوزتهم العلمية، ومساجدهم، ومجالس الإمام الحسين (عليه السلام)، وإحياء مناسبات أهل البيت (عليهم السلام). والأهم من ذلك، تمكينهم فكرياً وثقافياً ومعرفياً في جميع الجوانب لكي لا يقعوا ضحية لهذه الأفكار المنحرفة.