الرئيسية / آراء حرة / الاستثمار الأجنبي النفطي بين المؤيد والمعارض

الاستثمار الأجنبي النفطي بين المؤيد والمعارض

الأضواء / خاص

لايخفى على احد أن العراق يمر بمرحلة صعبة واستثنائية فقد توالت الضربات واحدة تلوالاخرى لتضعف من قدراته، فمن ناحية هناك إنتشار لفيروس الكورونا والذي هو في تزايد ووصلت عدد الاصابات حتى يوم اعداد هذا التقرير إلى أكثر من 7500 حالة وللاسف كافة الاجراءات المتبعة حول العالم لمحاربة انتشار الوباء تؤثر سلباً على الاقتصاد ومن توابعها انخفاض استهلاك النفط واسعاره التي يعتمد العراق عليها بشكل رئيسي لرفد الميزانية العامة فالنفط يشكل أكثر من 90% من المورد العام للميزانية في العراق.

ومن جهة اخرى هناك المشهد السياسي الداخلي والتخوف من عودة ظهور الجماعات المتطرفة المسلحة كذلك الانتقـال الحكومي والاخبار الصاعقة حول حالة الخزينة التي لاتسر عدو أو صديق!

كل هذا يضع العراق والحكومة العراقية الجديدة امام معادلة صعبة تحتاج للكثير من الدقة والسرعة في اتخاذ القرارت، لكن وبالرغم من ضبابية الموقف هناك فرصة ذهبية يمكن أن تأخذ العراق لشط الامان الذي هو بأمس الحاجة له، فالآمل بالحكومة الجديدة كبير وبالفعل بدأت هذه الحكومة باتخاذ قرارات جريئة أكثر من أي وقت مضى والحد من الاعتماد على النفط وتنشيط الاستثمارات لتنويع مصادر الدخل للميزانية العامة يجب أن يحتل أولوياته لآنه سوف يكون جزء مهم من الحل لمشاكل المستقبل.

وهنا يأتي السؤال الذي يطرح بشكل مستمر لماذا نحتاج مستثمر أجنبي نفطي ولماذا لا يتم اعطاء الفرص للشركات المحلية لتطوير صناعة النفط؟

للاجابة على هذا السؤال يجب الوقوف عند الاسباب التي تدعوا الدول المتقدمة للاستعانة بالشركات الاجنبية الكبيرة ولماذا تستقطبها بدل أن تعطى مثل هذه الفرص للشركات المحلية.

إن المشاريع التنموية الضخمة تحتاج لخبرات تخصصية وتمويل كبيرو قد لاتكون متوفرة لدى الدولة ولذلك تلجأ لعقد شركات مع اصحاب الخبرة التقنية و الملائة المادية لتفعيلهما بسرعة لخدمة مثل هذه المشاريع . فقد ساهمت الاستثمارات الاجنبية بمضاعفة انتاج العراق النفطي من 2.5 مليون برميل يوميا منذ إطلاق العراق لجولة التراخيص الأولى عام في عام 2009 الى ما يقارب ال خمسة ملايين برميل يوميا في 2019 .

وتدخل هذه الدول بشراكات مع المستثمر الاجنبي وبالطبع مقابل فائدة مادية يتم الاتفاق عليها حسب الاعراف الدولية والتي تضمن بأن تكون الارباح متوازنة وعادلة لكل طرف وتتناسب مع قيمة الاستثمار لكم طرف. وبالاضافة لهذا يجب أن لاننسى فهناك تحالفات استراتيجية وجيوسياسية يجب أن يحسب لها حساب عند اختيار الشركات الاجنبية والتي تصب في مصلحة البلد مثل تعزيز العلاقات السياسية والتبادل التجاري وأهمها اليوم التكنلوجية بين الدولتين.

وما كان سائداً في الماضي بأن المستثمر الاجانبي هو من يسرق خيرات البلد، كما كان في أيام حكومات الانتداب لم تعد موجودة وليس لها أي اساس من الصحة، علماً بأن بعض دراسات من قبل خبراء مثل شركةWoodmac للدراسات تشير أن حصة العراق من العقود النفطية ضمن الأعلى في العالم. وبالرغم من ذلك مازال البعض يستغلون مثل هذه الافكار البائدة لتأجيج رأي الشارع أو للهروب من تحمل المسؤولية والعجز وتوجيه اصابع الاتهام ألى الشركات الاجنبية.

ويقول لك البعض بأن معايير السلامة التي تطبقها هذه الشركات عالية جداً وتكون مكلفة وليس لها ضرورة، هذه المعايير ليست فقط لتضمن سلامة الموظفين وسلامة المنشأت التي يجب أن تكون في طليعة الأولويات دائماً بل هي معيار لجودة العمل والمعدات التي تقوم بتركيبها وتشغيلها والتي ستبقى في العراق بعد انتهاء الاستثمار الاجنبي.

وكما هو معروف فإن رأس المال جبان، وإجتذابه يحتاج الى وجود بيئة استثمار مناسبة وضمانات أمنية يجب توفيرها من الجهات الحكومية المعنية وللأسف مازلنا نرى أعمال “الترهيب الاستثماري” التي تبعد المستثمر العراقي قبل الاجنبي والتي يمكن تجنبها بسهولة. مؤخراً سمعنا عن قطع الطرق لحقل القرنة الغربية من قبل سائقين تم استباعدهم من العمل وهو أمر مؤسف كان يجب ان يكون له حل قبل حدوثه خاصة بهذه الاوقات الصعبة، وقبلها بأيام كان هناك وقفة احتجاجية خرجت عن السيطرة في شركة غاز البصرة أدت إلى تسفير الخبراء على الرغم من ان شراكتم في غاز البصرة منذ عام 2013 قد ساهمت في زياد ة انتاج الشركة ثلاثة اضعاف حتى نهاية 2019. كل هذا يسيء لسمعة البيئة الاستثمارية في العراق ويجعل المستثمر الاجنبي متخوف من الدخول بأي شراكة جديدة والدليل على ذلك عدم وجود للشركات العالمية الاجنبية ضمن جولات التراخيص الخامسة لسنة 2018. هذا التنفير المتعمد الذي يمارسه البعض يؤخر المشاريع التنموية الضخمة ويحرم العراقيين من الوظائف التي توفرها مثل هذه المشاريع وكذلك يحرم العراقي من المعرفة التي يمكن الحصول عليها من الشريك الاجنبي الذي يستحضر اخر ما توصلت إليه العلوم والتكنلوجيا في هذه الصناعة للعراق.

ومن الجدير بالذكر بأن الشركات الكبيرة والتي تعمل في عدة دول تخضع لرقابة دولية صارمة لمنع حالات الفساد وفي حال خرقها للقوانين يتم معاقبة الشركة دولياً وقد تخسر كل أعمالها في العالم وليس فقط في العراق، ومن هنا نجد أن البعض يحارب هذه الشركات في العراق ليس من باب الغيرة الوطنية ولكن لاسباب ومصالح شخصية تضر بالصالح العام.

ليس دفاعاً عن المستثمر الاجنبي لكن إذا اردنا التطوير فيجب على الحكومة الحالية اتخاذ قرارات واجراءات سريعة تضمن بيثة استثمار صحية وقوانين ترعى الاستثمار المحلي العراقي أولاً فلا يهرب رأس المال العراقي للخارج كخطوة أولى و حماية المستثمر الأجنبي وتأمين بيئة استثمار جذابة من أجل تطوير البنى التحتية المتهالكة فلا يوجد بديل عن التكامل لأجل النهوض بالواقع الخدمي للبلد.

نريد للشركات العراقية أن تنهض وتبدأ بالمنافسة على الاقل على المستوى الاقليمي ولتصل لهذه المرحلة لابد من أن تعمل جنب إلى جنب مع الشركات الأجنبية بشكل ممنهج للتعلم والتطور واتباع استراتيجية “تحويل ما كان يوماً ما نقصاً إلى فرصة ومن ثم ألى قوة”.

شاهد أيضاً

العيد وفرحة الأطفال

قلمي. منى فتحي حامد – مصر عيد الفطر فرحة الكبار والصغار، يأتى بعد صيام شهر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.