الرئيسية / آراء حرة / “محمد يسأل وموسی يجيب” حوار حول التطبيع والشباب والمقاومة “طوفان الاقصى”

“محمد يسأل وموسی يجيب” حوار حول التطبيع والشباب والمقاومة “طوفان الاقصى”

كتب : علي هترو حويزاوي ـ العراق 

إنه يوم الجمعة،اليوم الوحيد الذي تجتمع فيه العائلة، أبو محمد الرجل الذي أرهقته الحياة البعثية العبثية يجلس بين أولاده ويتابع الأخبار علی قناته المفضلة(قناة الميادين) فجأة سمع ابنه يشتم بصوت عال فلسطين!!
ثار الأب وصفع ابنه الذي يبلغ عمره ثلاثة وعشرين عاما، صفعه وهو يقول له:لابارك الله بك،ليتني لم أُنجبك!!
وابنه مازال يصرخ منهارا: مالنا ومال فلسطين؟  الفلسطينيون أفضل حالا منّا!! فلسطين أرسلت لنا الانتحاريين، أم أنك لم تسمع بذلك من قناتك المفضلة( الميادين)؟!! ريد أن نعيش ونرتاح،لاشأن لنا بالمقاومة! يصرخ ويصرخ والأب يقف بعينين جاحظتين ولسان مشلول فاقد الرغبة بالرد، تدعكه الخيبة وتفتت صبره!! خرج (محمد)من المنزل،وتحولت الظهيرة إلی صفيح ساخن فاقد الأمان، وبقي أبوه  مُحلِّقا في سموات رمادية!! لم يعد (محمد )الی المنزل، بات في  منزل صديقه الذي يشترك معه في العمر والفكر!! وضع رأسه علی الوسادة وتذكر الموقف فاختق بعبرته وشعر بضيق شديد!! مازال  يفكر ويتجول وهو مقتنع تماما بأفكاره ورؤيته،ويری أن جيل والده جيل قديم قد حول حياتهم الی غضة!! فجأة رأی شيخا كبيرا،بيده عصا، يلفه ضبابٌ أخضر، قال له : يامحمد، مابك؟
ـ والدي صفعني،يحسب أني مازلتُ طفلا!
– هون عليك يابني، قسوة الآباء رحمةٌ خفية، لكن لماذا صفعك؟
ـ شتمت فلسطين، ما شأننا نحن بها؟
ـ يامحمد، هل تحب اسمك؟
ـ نعم، إنه علی اسم النبي محمد
ـ محمد حبيبنا،كلنا نحبه
ـ من أنت؟
ـ أنا نبي الله موسی
ـ معقول؟!! ماذا تفعل هنا؟
ـ لأجيب علی أسئلتك
ـ حسنا، أنا مؤيد للتطبيع  مع قومك (إسرائيل)
– من قال لك إنهم قومي؟
ـ إنهم يؤمنون بما جئتَ به
ـ ما جئتُ به يابني، هو ما جاء به حبيبنا محمد
ـ لافرق، أنا مع التطبيع، أنا معهم
ـ يابني، لم يؤمنوا بي يوما، أذاقوني الويلات، هذه عصاي تحولت الی ثعبان ابتلع كل ما ألقاه السحرة في مجلس فرعون،ثم ضربت بها البحر فانفلق نصفين، و بعدهاضربت الأرض بها أيضا  فانفجرت لهم اثنتا عشرة عينا،ومع ذلك لم  تفد بهم كل المعجزات،، تارة يطلبون مني أن أجعل لهم صنما يعبودنه:((اجعل لنا إلها كما لهم   آلهة قال إنكم قوم تجهلون )) وتارةً يعبدون العجل من بعدي، وتارة يقولون لي :نريد رؤية الله جهرة(({ وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون)) لم يثبتوا يوما علی ميثاق أو عهد، من تمرد إلی تمرد، من خذلان إلی خذلان!! ( (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا )) تخيل، أنهم يطالبونني بالحرب،ثم ينقلبون عليّ:((فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ))  آه يابني،لم يحفظوا عهدا معي وأنا بينهم، وأنا نبيهم فكيف تتصور  أنهم يحفظون عهدا مع أحد؟!
ـ لا شأن لي كثيرا بما ذكرته يا نبي الله، نريد أن نرتاح من شعارات المقاومة
ـ بني، هل ارتحت أنا رغم كل ما قدمته إليهم؟
ـ كلا
ـ اسمع يا محمد، أنا وسائر الأنبياء وظيفتنا خدمة الإنسان والارتقاء به،وظيفتنا أن نجعل الجميع متعايشا  بسلام، لم أقل لهم كونوا دولةً مبنيةً علی أساس الدين!!
ولم أقل لهم اقتلوا وأخرجوا الناس من ديارهم، ولم أقل لهم عادوا أولياء الله، إنما الدين محبة
ـ لكن بيت المقدس والمسجد الأقصی ليس لنا ـ نحن المسلمين- هو لهم
ـ تعال اجلس بقربي، فالحديث معك ممتع، قل لي:
هل سمعت بالإسراء والمعراج؟
ـ نعم
ـ هو رحلة الرسول محمد من المسجد الحرام إلی المسجد الأقصی ثم إلی السماوات، تنبّه الی  هذا الخط ونقاطه، لماذا كان الانطلاق من المسجد الأقصی الی السموات،إلی اللقاء الإلهي؟
ـ لماذا؟
ـ كي يختزل الله تعالی هدف الديانات كلها بمحمد، هذه طريقه، ومن يتبعه يجب أن يتمسك بطريقه، إذن المسجد الأقصی عالمي كما رسالة الإسلام عالمية!
– نريد أن نعيش يا نبي الله، مازلت أرددها
ـ هل ستوفر لك إسرائيل العيش الكريم؟
ـ نعم، سنرتاح
ـ ابني، لو  افترضنا أنك الآن أخرجت صديقك من منزله، وشردت أهله، وصار المنزل لك، ماذا ستفعل؟
كيف ستضمن أنه لن يأتي  مرة أخری لإخراجك؟ أو يأتي أقاربه لمساعدته؟
ـ لماذا نفترض؟ لا أريد الافتراض
ـ طاوعني يابني، وافترض،وأجبني علی أساس الافتراض
ـ لن أرتاح حينها، سأبقی مضطربا مهدَّدا
ـ حسنا، خذ ورقةً وقلما وارسم لي خطة تدافع بها عن منزلك الجديد
ـ نعم، سأضع خطة داخلية، وخطة خارجية، الداخلية: اُقنع أهلي بأنه منزلنا،مادامت أقدامنا حملتنا إليه، ومادمنا فيه، نموت ولا نسلمه! والخارجية: أُخيف الجيران مني، حتی لايتقرب لنا أحد بسوء، وحتی يتجنب الجميع الاعتراض عليّ،أو الوقوف مع صديقي، وشي آخر: سأزعم أنه منزلي في الأصل وأنهم كانوا يسكنون فيه واستولوا عليه، هذا الكلام سأجعله ينتشر في كل مكان حتی يغدو أمرا مسلَّما!!

شاهد أيضاً

التطور التكنولوجي وتاثيره على المجتمع

كتبت / ايمان علي حسين ـ مصر  شهد العالم خلال العقود الاخيرة تطور تكنولوجي هائل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.