الرئيسية / آراء حرة / نافذة على الطريق … كن كما أنت

نافذة على الطريق … كن كما أنت

كتب : سعد عبدالوهاب المناصير – العراق 

الحلقة (30) 

انها الحياة بنهاراتها ولياليها , بشهورها وفصولها تراها بحركة استمرارية لتمتد نحو تعدد السنين , ومعها تولد الأحداث فمنها ماهو جميل ومنها ماهو سيء ومابين هذه وتلك تولد هناك الهفوات والقفشات بعضها يثير الدهشة وبعضها يشير إلى الطرافة قد تثير الضحك المفرط أحيانا او الأستهزاء في مواضع أخرى , لا أدري عللها او اسبابها ولكن بالتأكيد كانت وليدة مصادفة عابرة أو مكيدة مدبرة , وبكل الأحوال فما يهمنا هو سلامة الموقف والإبتعاد من الإنجراف نحو امور لاتحمد عقباها , أو على الأقل أن لانقع تحت طائلة سخرية الآخرين من جراء تلك الهفوات والقفشات إذا ما كانت الأرضية صادقة وصريحة وشفافة , وهذا مايذكرني في رحلتي الأخيرة إلى أسطنبول إذ كان هناك نفر من محافظاتنا قد سبقنا اليها , ومن جميل المصادفة ان التقينا بعضهم في صالة الفندق الذي نزلنا فيه , وعلى سجيتنا تعرفنا إلى بعض الشباب هناك , وأصبحنا بحكم الغربة ؛ نسايب .. الم يقل الشاعر .. وكل غريب للغريب نسيب ؟ ومن ضمن الذين تعرفنا اليهم , كان هناك ثلاثة من الشباب , عرّفنا أحدهم على انفسهم بأن اثنين منهم صيدليان وهو واحد منهما والثالث طبيب , وهذا لايهمنا بقدر مايهمنا التزامهم بالآداب العامة والتي من شأنها أن تعطي الإنطباع الجيد لنا ولبلدنا , لأنه وكما قيل في المثل .. الخير يخص , والشر ؛ يعم .. الا أن تصرفاتهم لم تكن كذلك , فهم يتمتعون بطفولية طرحهم للمواضيع والتصرف وعدم الإتزان , وما هو جدير بالذكر , أن حبل الكذب قصير , ومابين الكذب والحقيقة تكون المصداقية الحد الفيصل في التحقق مما يجري , وأعني من ذلك ان المتكلم بالحقيقة لما هو عليها , فإنها لم ولن تتغير مع تفاوت وتقادم الزمن الا ما تعرض منها للنسيان , أما اذا كان العكس ( عدم مصداقية الطرح ) فأن الحقيقة ستظهر عاجلاً أو آجلاً , لانه بالتأكيد سوف ينسى ما تكلم به في الأيام الماضية لفقدان السيطرة على الحدث لعدم معايشة تفاصيلها الحقيقية . أعود لهولاء الشبان الثلاثة , إذ التقيت أحدهم في اليوم التالي في صالة الفندق , الا أنه اخفق في الحفاظ على انتحالهم للمهن , فقال أنه صيدلاني وزميلاه طبيبان , وهذا ما جعلني اربط حديثه مع ماتكلم به زميله بالأمس , لأستشف أنهم ينتحلون مهنا ً كاذبة , وبينما أنا في حساب هذه الأشكالية فاذا بزميليه يلتحقان بنا , وعلى معلوماتي الطبية البسيطة التي التقطتها من هنا وهناك , احببت أن اختبرهم باختبار لكشف حقيقتهم بقولي .. ان أحد الاصدقاء كتب لي يرجوني أن اشتري له من صيدليات اسطنبول حب رستامين , وهنا وجهت سؤالي لهم .. الى أي حالة مرضية يستخدم هذا النوع من الدواء ؟ فأخذتهم الحيرة بالجواب , وراح احدهم يقول بأن استخدامه يتم لحالات المغص الكلوي , ولم يدر أنه علاجي الذي استخدمه لحساسية القصبات والتي أعاني منها منذ زمن طويل , هنا اصبحت لعبتي معهم جميلة فقلت لهم اني مصاب بالتريبانوسوما , وزميلي مصاب بالانتاميبا هستولوتيكا , فهلا لكم ان تكتبوا لنا الدواء اللازم , هنا وقف احدهم وهو يقول مضطربا , بان الوقت قد ادركهم لموعد مع صديق لهم عند منطقة السلطان أحمد , وعليهم المغادرة بسرعة , هنا استحكم كشف الحقيقة وانتحالهم صفة ليسوا مجبرين عليها , وانهم لو كانوا صادقين في كلامهم بالأمس فأنهم لن يقعوا في مثل هذا الموقف المحرج أبدا , ولم أعد اراهم بعد ذلك يجلسون بالقرب مني ولحين مغادرتهم الفندق , هنا تذكرت ما قاله لي أحد الأصدقاء الذي انتخب ليكون حكما ً لأختبار نصوص شعرية للشعر العمود لمسابقة ستقام لهذا الغرض , فجاءت احداهن بقصيدتها , حينها طلب منها قراءتها , فلم يرق له أسلوب القراءة لتعثرها في نطق بعض الكلمات بالإضافة إلى ركاكة سلامة ضبطها قواعد اللغة العربية أثناء النطق , وهي أحد مرتكزات الشاعر , اذ جعلت كلمة في محل رفع أثناء النطق بديلا عن كسرها وراحت تلفظ كلمة أخرى بالصورة التي أختل الوزن خلالها , حينها عرض عليها تعديل إحدى الكلمات بكلمة اخرى تحمل نفس المعنى ولكنها في محل نصب , كي يختبرها اختبارا محكما ً , فأجابته بالإيجاب , ولم يتعب بعد ذلك صاحبنا هذا نفسه الا أن يقول لها , بأن القصيدة ليست لها , ولن يوافق على دخولها المسابقة , وهنا وجب السؤال , هل هؤلاء يشعرون بالنقص الفكري بأتخاذهم هذا المسلك ؟ اليس الفضيحة في مثل هذه الأمور , أشد قسوة من أن يكون الأنسان متواضعا ويسجل حضوره كما هو وكما ينبغي ؟ ولماذا يضعون أنفسهم في مثل هذه المواقف ؟ ربما هم مشغوفون بتسليط الأضواء عليهم , ولكن الوقوف بعيدا عن الأضواء استر وأجمل من الوقوع في المحظور الذي قد يجعلهم في محل إنتقاص أو سخرية الآخرين ربما أنهم يلجأوا إلى مثل هذه الأمور لشعورهم بالنقص الفكري والحضور الإجتماعي وهذا بالتأكيد مرض نفسي .

شاهد أيضاً

الزاني وبعض مسببات تلك الفاحشة

كتبت : منى فتحي حامد – مصر لقب يطلق على إحدى الشخصيات الغير سوية، تتعايش …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.